هي ابنة الدار البيضاء، الامرأة التي ما زالت لاءآتها تؤرق
عالية كريم
عرفتها دون أن ألتقيها، انها امرأة تعلن عن نفسِها بقوة، وتطرق ابواب الفكر بشدة، ابداعُها يترجم حسَها الإنساني وعشقََها للجمال، أبدعت في القصة كما أبدعت في الشعر، وأبدعت في الرسم كما أبدعت في الرواية، في كل مجالات الإبداع لها بصمةٌ عميقةٌ، لا يمكن ان تمحى، انها شامخة وهي حية، وشامخة وهي ميتة، ذكراها ستظل عطرة مضمخة بعطرٍ خالدٍ لمن عشقها انسانة ومبدعة، انها الزهرة التي نثرت أريج الأدب والأبداع حولها ٍبكرمِ وسخاءٍ، وزينت الخزائن العربية بشذرات ستبقى تضئ الطريق لأجيال قادمة ...
انها المبدعة التي تركت كماً من الرفض واللآت التي تعبر عن حقيقيتِها وصدقهِا في دعم الحركة الأدبية المغربية، وإنقاذها من الدخلاء والمدعين، وتهميش المبدعين البعيدين عن الولاءآت والنفاق، انها المرأة التي قالت بأعلى صوتِها، دون خوف أو وجل متسلحة بإيمانِها وصدقِها :
لا للحزبية الثقافية
لا لتهميش المبدعين الصغار
لا للهيمنة الثقافية
لا للظلم
وداعُ المبدعة زهرة الزيراوية خلَّفَ أسى وحزناً اوجع قلوب من عرفها عن قربِ او عن بعد، لكننا سنلتقيها بالروائع التي تركتها والتي ستجعل ذكرها خالداً ...
قالوا فيها :
الكاتب العراقي فيصل عبد الحسن قال : " زهرة زيراوي التي غادرت إلى فردوسها البعيد الذي لا نعرفه، ولا نتخيله إلا من خلال روايتها الجميلة “الفردوس البعيد” تركت في أفواه محبيها مرارة الفراق، وغصة حقيقية، وفراغا لا يمكن أن يشغله غيرها ".
كتب الشاعر أحمد بلحاج آيت وارهام: «سيدة عظيمة ودّعناها بقلب ينزف شعراً. هي الإنسانة التي فتحت قلبها لكل المبدعين، وأغنت الخزانة العربية بالكثير من الروائع، فناً تشكيلياً وشعراً ورواية وقصة... كانت أيقونة الفن الراقي»
كتب الشاعر والناقد محمد العناز: «كانت امرأة مغربية حقيقية بصيغة منتهى الجموع، حملت إنسانيتها في قلب الكوني غير عابئة بكل المتاريس التي فرضت علينا خلسة، كيف لا وهي التي أحبت جين آير وبرونتي. تتركنا اليوم بعدما منحتنا جميعاً سر الأمل في أن يتم تجسير المعنى بين الأجيال بعيداً عن مقولات القتل الرمزي الخرساء»؛
كتب الشاعر عبد الرحيم الخصار: «وداعاً زهرة زيراوي... وداعاً أيتها السيدة العظيمة».
قال الأديب المغربي أحمد رزيق إن زيرواي “كانت أديبة هادئة ومتفتحة تؤمن بأن الكلمة قادرة على تغيير الواقع”.
وأضاف “الساحة الثقافية العربية فقدت واحدة من المواهب التي أعطت الشيء الكثير للثقافة عبر مواهبها المتعددة التي زاوجت بصمت وهدوء بين الرواية والشعر والتشكيل”. واعتبر أنها “واحدة من متعددي الثقافة، الذين آمنوا بقدرتها على التغيير، والذين مدوا الجسور بين الكتاب والأدباء داخل المغرب وخارجه”.
توفيت المبدعة زهرة الزيراوي يوم 22 أُكتوبر 2017 بالدار البيضاء، انها كاتبة مغربية زاوجت بين الكتابة بأنواعها مع الفنون التشكيلية، لقد «عُرفت بكتابة القصة والرواية والشعر والمقالة الأدبية، ولها في هذا الباب عديد من الإصدارات داخل المغرب وخارجه، كما عُرفت بممارستها التشكيل، ولها مشاركات عديدة في معارض جماعية داخل المغرب وخارجه، بلإضافة الى اهتمامها بكتابة النقد الفني»
في عام 1961، تخرجت من دار المعلمين، وتم تعيينها أستاذة بمركز تكوين المعلمين بالدار البيضاء، وحينها تحملت مسؤولية رئيسة ملتقى الفن. كما مُنحت الدكتوراه الفخرية من الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب .
ومن بين ما يحسب لها ويسجل علامة مضيئة في تاريخها هو الريادة في انشاء صالون ثقافي، إذ انها منذ عام 1990 جعلت بيتها صالون ثقافي وسخرته لتنظيم اللقاءات والأنشطة المفتوحة وتنظيم الأمسيات الشعرية، ولقاءات لتكريم الأدباء والكتّاب المغاربة ولغيرهم من المثقفين والكتاب العرب والأجانب .
كان لها اصدارات عديدة في مجالات مختلفة، ، كروايتها «الفردوس البعيد»، ومجموعاتها القصصية: «نصف يوم يكفي» و«الذي كان!..». و«مجرد حكاية» و«حنين»، فضلاً عن ديوانها «ولأني»، ومؤلف تناولت فيه «التشكيل في الوطن العربي»،
وشاركت الراحلة في العديد من المهرجانات الأدبية العربية والأوروبية، وعرفت، في السنوات الأخيرة، بنشاطها الثقافي والإبداعي والفني الكبير ببروكسل، بتنظيمها الكثير من الندوات واستضافتها الكثير من الأسماء من العالم العربي وأوروبا.
...