تجول الفنانة التشكيلية المغربية نجوى الهيتمي في مساحات التجريب الرحبة، مسافرة بين الحوامل المختلفة وهي القادمة لمجال الإبداع من عالمي السياحة والسفرولوجيا حيث الرهان على تطويق الضغط على الذات وتحريرها، بكيمياء المزج بين المواد الفنية المختلفة استطاعت تهييئ ملاذ للذات وللآخر من خلال فضاء الزاوية الذي أنشأته بمدينة طنجة كمكان للبوح المشترك .
عن زاويتها وعن تجربتها الفنية كان لنا معها هذا الحوار :
ماذا يقربك اكثر من التشكيل هل السياحة المعنوية ام السفرولوجيا ؟
بالأحرى هو هذا المزيج من الإثنين الذي يقودني نحو معارج الإبداع، إنه كناية عن زخم داخلي ثم الحاجة إلى معرفة ذاتي، فضلاً عن أنها وسيلة للسفر عبر عوالم غير ملموسة تضيء الأماكن القصية لتتيح لي معرفة الذات بمنحها فرصة التعبير عن نفسها، ناهيك عن كون التشكيل وسيلة لفهم الكائن الإنساني، وهذا العالم الذي نعيش ضمن فلكه .
تزاوجين بين الرسم والنحت موظفة الخط العربي، قربينا من مجال اشتغالك وهل طبيعة الموضوع التي تفرض شكل التقنية ؟
في الواقع، الداعم يفرض نفسه عليّ وفقًا للفكرة وما يتيحه لتأطيرها ، عندما أحتاج إلى الشفافية والفراغ، أختار المعدن الذي يوفر صلابة وسيولة معاً، يمكن أن يكون الحديد صلبًا وحساسًا في نفس الوقت وهي مادة حية، من جهة أخرى هناك الورق أو القماش الذي يمنحك القدرة والحرية لتخوض غمار التجريب، فيما التصوير الفوتوغرافي والفيديو كأداتين تمداني بلغة لقراءة الطبيعة أو فك تشفير رسالة ما، أو قد تكون موجهة لي في لحظة معينة بشكل غير مباشر، وعلى وجه التحديد أحتاج هذه الحوامل الفنية جميعًا، التي تفرض نشكلها حسب اللحظة .
ما المواد التي تعتمدينها في اعمالك ؟
الحاجة النفسية أثناء مباشرتي للعمل هي المحددة للمواد التي سأوظفها، لذا أترك كل المواد قريبة من اليد لتمتد لما يشبع لمتطلبات اللحظة الإبداعية .
الزاوية فضاء أنشأته بمدينة طنجة، وكما نعرف دور الزوايا في الثقافة المغربية، وهي مجانية الخدمات ماذا سيضيف فضاءك لك ولزواره ؟
انطلاقاً من فضاء الزاوية آمل، قدر الإمكان، أن يكون مشرعاً على روح التفاعل والتبادل والتشارك المعرفي لكل من يلج عتبته، هو مكان لطرح الأسئلة وليس من الضروري أن تكون هناك إجابات، الأهم أن تكون الزاوية الملاذ لطرح القلق والتفكير والتساؤل المشترك الذي بدونه الحياة ستبقى في حالة جمود تام .
اشتغلت على ثيمات متعددة في معارضك "كالكيمياء " وبمعرضك الحالي " من قلب التجربة "هل وصلت لخلاصات ؟
لا يوجد استنتاج خالص، إلّا كما هو الحال مع كل إجابة فلسفية ينبثق سؤال آخر، وأنا مقتنعة بأنه لن يكون لدينا أبدًا إجابات قطعية لأنه سر الحياة، فكل شيء أو كل خطوة ترسلنا إلى شيء ما أكبر وأكثر تعقيدًا، نحن في فترة إعادة أبدية أو بداية لا نهاية لها ولكن ربما يكون هذا هو استنتاجي، وهو أننا لم نصل أبدًا إلى نتيجة، كما يقول المثل، كلما عرفت أكثر، أبقى أنني لا أعرف شيئا على الاطلاق .
نلاحظ الأجساد في اعمالك لهيئات أنثوية مغلفة بالسواد هل هي تعكس ما حول الجسد ؟
الهيئات في عملي، ربما تمثل بالنسبة لي الروح البشرية، أو شظايا الروح التي لا يمكنني تمثلها بشكل مختلف، فهذا هو الجزء فينا الذي ربما يكون غير مرئي والذي يعبرنا في كل لحظة، إنه يرشدنا في هذا الوجود، ربما يكون أيضًا طريقة بالنسبة لي لتمثيل ما لا يمكن تمثيله، هذه ليست بالضرورة أجساد نساء، بل ربما أشكال أرواح، أو ما يمكنني تجسيده وفقًا لتصوري المتواضع .
حدثينا عن المنشآة التي اشتغلت عليها قي قلب الزاوية التي تضم المجسم والصورة والفيديو ؟
فضاء تجريبي مصغر، ينعكس إلى اللانهاية من خلال لعبة المرايا والضوء، هو عرض فيديو لمجموعة من أعمال الصور والفيديو الذي قمت به من قبل، حاولت من خلالها القيام بطريقة مرحة ودورية ترمي بنا في بُعد عجائبي استفهامي، والفكرة أيضًا هي التشكيك في الزمان والمكان، وتصوراتنا الخاصة، وأنه داخل مكان محدود يمكننا عرض أنفسنا فيه بما لا نهاية .
