ألقيت نظرة حولي . هل تعلم أنني أعيش وحيدة ؟ . كنا في شهر حزيران، والسماء في الخارج رمادية متوحشة . وموسم الخماسين يقترب . نظرت جدتي للغيوم، وقالت من الأفضل لنا أن ننطلق إن كنا نريد أن نقهر المطر . وبدأنا من سوق سانتا كروز، وهناك صفع الهواء وجهي ونحن ندخل في حانوت ضيق . انتقت عدداً من أنواع المؤونة . نوعين مختلفين من بقلة الماش والعدس الأحمر، وأشارت إليَّ بقول راجما (الباقلاء)، ولكن أخبرتها أنني لا أحبه .
“لماذا ؟” .
"لا أستطيع أن أهضمه” .
ضحكت وهزت رأسها، وطلبت على أية حال مقدار كيلو غرام منه . التالي هو الأرز . تجاوزت البصماتي المعتاد واختارت صنف الأمبيموهار لرائحته العطرية النفاذة . ثم توقفت عند أنواع الدخن . وقطبت تعابير وجهها وقالت لا يوجد شيء جيد . وأخبرتني أنها سترسل لي طحينا طازجا في الأسبوع القادم . وأخبرتني أنه عندما سافرت أمي إلى الولايات المتحدة بعد زواجها، لم تكن تعرف كيف تطبخ . “جهزنا دفتراً فيه طرق الطهي، وثبتنا على الصفحات أكياساً صغيرة معبأة ببذور الكمون والشيلم، لتعرف الفرق بينها” . وانتقلنا إلى الحانوت التالي . وعبرنا بنفق من الأواني المعدنية . وتأملت انعكاس خيالنا عليها . لم نكن متشابهتين . ومع ذلك برفقتها كنت أشعر كأنني في بيتي . انتقت الجدة عدداً من الأحجام والأشكال، ومن ضمنها إنائين يعملان بضغط البخار . أحدهما كبير والآخر أصغر .
قالت :”يمكنك استعمال الكبير إذا لديك حفلة” . ابتسمت . الحفلات التي أخطط لها لا تشمل الطهي، وهذا بالضرورة سيخيب أملها . بعد ذلك انتقلت نحو لوازم وجبة الغداء . كانت الأطباق مضادة للكسر كما هو واضح . اقتربت من المنصة، والتقطت زبدية عميقة ورمتها على الأرض . والتفت البائع لينظر . واستقرت الزبدية على الأرض دون أن يمسها أذى . انحنت لتحملها مع ابتسامة وقالت :”رائع، أليس كذلك ؟” .
كنا بالسيارة عائدتين إلى البيت، ونقترب من المبنى الذي أسكن فيه، ونمر من خلال طريق مقوّس . وقد أصابوا حين أطلقوا عليه اسم طريق زيك زاك . وهناك جمدت حركة المرور . كان المطر يغسل الشوارع، ومستوى الماء يرتفع و داهمني الشعور بالخوف . كم سيطول بنا التوقف هنا ؟ . مدت جدتي يدها لأحد الأكياس وسألتني :”هل أنت جائعة ؟” . قبل أن تتسنى لي فرصة الإجابة، أخرجت كرتين من الورق المعدني الذهبي البراق . وفي داخلهما وجدت قطعة شوكولا داكنة محشوة بشراب الروم . ألقيت واحدة في فمي . ودب الدفء سريعا في بلعومي وبطني فطلبت أخرى . فمدت لي يدها بعلبة كاملة .
فتحت المذياع، وأنشدت عدة كلمات من أغنية هندية قديمة كانت تعزف في الإذاعة. واغتنمت الفرصة لتخبرني أن صوتها كان جميلا، ولكن السترويد الذي تناولته لتعالج الربو تكفل بإتلافه . تناولنا المزيد من الشوكولا وسألتني إن كنت مغرمة بالشاب الذي أواعده . وحلت الدهشة عليَّ . قلت لها : ربما لا . قالت : لا يجب أن أتزوج منه إن كان بمقدوري ذلك، من الأفضل أن نستمتع بحياتنا مع الاحتفاظ بحريتنا . ثم ضحكت وأراحت رأسها على ظهر مقعدها . وركزت نظراتها على السيارات الواقفة أمامنا .
الترجمة عن الغارديان / 14 آب 2021
أفني دوشي Avni Doshi كاتبة أمريكية من مواليد 1982 . مولودة لعائلة هندية في نيوجرسي . تقيم وتعمل في دبي . وصلت للقائمة القصيرة في جائزة المان بوكر البريطانية بعملها الأول: "سكر محروق" عام 2020.