كانت وكأنها تناديه بصوتها الذي أدمنه عمراً: "ألا ليتك تدري..؟!!".. فعصف الأمر بروحه بما يشبه الحلم، وتذكر آخر كلماتها إليه: "ستعلم الحقيقة ذات يوم، وتبحث عني، فلا تستعجل وتنقم علي"..
كانا قد افترقا بأحجية ظن أنه برع في فك رموزها.. غير أنه ككل الرجال ضيق الأفق، تقوده شرقيته المتضخمة دون صادق تثبت..!!
ظن أنها والأيام سيصغران تحت قدميه يقبلانها طلبا للصفح.. ونسي أن لا خطيئة، ونسي أن الموت أكبر منهم جميعاً لو أراد..
دأب طيفها يلازمه كلما داعب طفلته الصغيرة، فيخيل إليه أن صوتها تلبس صوتها بدلال.. ربما لأنه عرفها روح طفلة في عباءة أنثى..
صوتها القادم من ما وراء السماء جعله كالثائر يهيم بحثاً عن خلاصه من سر طرق باب قبرها فضج في زوايا قلبه..
همَّ ببرقياتها القديمة يستنطقها، لعل سطراً يرق له ويكشف ما عساه استتر وراءه من غياب، لكن هيهات..!!
بدت له كلماتها جميعاً هيروغليفية مبهمة.. وكأن المعنى مات فيها كموت صاحبتها..
//مشكلة الأحياء أن مشاعرهم دوماً تنتفض من موتها بعد فوات الأوان //