سَأَلْتُ مَواسِمَ الأَسْفَارِ عَنْ إِنْسِ
أُحَمِّلُهُ رِسَالاتٍ تَيَبَّسَ حَرْفُها الْمَنْسِي
وَأُرْسِلُها غَياياتٍ تُناغِمُ هُدْبَ عَينَيها
وَوَرْداً مِنْ غُصُونِ الْفَأْلِ قَبْلَ اللَّيلِ إذْ يُمْسِي
أَحِنُّ لَها، حَنينَ الظّلِّ لِلْغَرْسِ
أَقُولُ لَهُ: بَرِيدٌ عَاجِلٌ..
عُنْوَانُهُ..
أُمّي
*****
وَكُلُّ صَبِيَّةٍ حَنَّتْ ضَفَائِرَها إلى الْعُرْسِ
وَتَخْطُو نَغْيَةً تَسْمُو عَلى نَصِّي
أَخِيطُ لَها رِدَاءَ الشَّعْبِ وَالشَّمْسِ
مُدَثَّرَةً بِعِطْرٍ مِنْ أَغارِيدِ اللّقَاءاتِ
وَذِكْرَى مِنْ أَقَاصِيصِ الْمَسَافَاتِ
رَسَمْتُ غِلافَها بِمَواجِعِ الْقَمْحِ
وَعُنْوَاناً يَمُدُّ الْجَذْرَ في جُرْحِي
وَحُبّاً لَحْنُهُ..
أُمّي
*****
سَكَبْتُ دُمُوعَ مِحْبَرَتِي
لِمَ الأَشْعارُ تَكْبُو في مُخَيّلَتِي
وَتَهْرُبُ مِنْ يَدِي الْكَلِماتُ تَغْرَقُ في دُجَى النّفْسِ
وَتُلْقِي فَوقَ أَوْرَاقِي حُرُوفاً لَيسَ تَعْرِفُها
وَحَمْحَمَةً تَبُثُّ ثَوابِتَ الأَمْسِ
بِعَظْمِ الصّدْرِ أَرْصِفُها
إِلى أُمّي
*****
سَأَلْتُ خُيُوطَ أَورِدَتِي
عَنِ الإنْسانِ في وَطَني
عَنِ الأَسْماءِ وَالْحارَاتِ وَالشّيَمِ
عَنِ الزّيتُونِ لا يَشْدُو لَهُ قَلَمِي!
يَمُجُّ حُرُوفَهُ غَضَباً على الْكُتُبِ
وَيَذْهَلُ مِنْ عُرَى النَّسَبِ
إِذِ الرَّمْضاءُ تَقْذِفُ مِنْ مَجَامِرِها
خِصَامَ الإخْوَةِ النُّجُبِ
فَيخْبُو مِنْ أَوَاصِرِها
سَنا أُمِّي
*****
سَأَلْتُ الأَرْضَ يَمْخُرُ تُرْبَها جَسَدِي
وَأمْهَرُها دَماً يَجْرِي مِنَ الْكَبِدِ
بِلا وَجَعٍ مِنَ الأَيّامِ أَحْمِلهُ إلى وَلَدِي
أُخَاطِبُ أُمّيَ الْمَرْهُونُ في حَدَقاتِها بَلَدِي
وَأَخْطِفُ مِنْ فُؤادِ الصّبْحِ أَنْفاساً
لأَهْدِيَها إِلى أُمّي
شعر/ صقر أبوعيدة