أَغَريبٌ يا بَلَدي أنْ أَبْقَى طِفْلاً يَتَغَنَّى..
بِالأَمَلِ الْمَنْقوشِ على شَفَةِ الدّنْيا
يَتَمَنَّى..
يَرْشُفُ ثَدْيَ الصُّبْحِ عَلى عَينِ اللّيلِ
وَيُرَفْرِفُ بَينَ قَصائِدِهِ لا يَأْبَهُ لِلْمَعْنَى
لا يَخْشَى زَعْقَةَ آتٍ يَغْمِسُ في دَمِهِ بُسْتانَ ضُحَى
في أَيِّ زُقاقٍ يَلْعَبُ لا يَتَعَثَّرُ في وَجَعِ الْحاراتِ..
وَلا يَشْقَى
يَبْني بَيتَ الأَسْمارِ بِلا سُورٍ
وَيَراهُ بِلا خَمْرٍ قَصْرَا
وَيُلَمْلِمُ مِنْ وَهَجَ الثّوراتِ قَصِيدَةَ حُبْ
مِنْ قِصّةِ شَعْبٍ يَغْزِلُ هُدْبَ الشّمْسِ..
وَيَمْلأُ مِنْ ضَحِكِ الأَعْنابِ أَباريقَ الْعُرْسِ
بِاللهِ يَلُوذُ وَلا يَتَقَلَّبُ في جَمْرِ النّفْسِ
لا يَشْحَذُ لِلْفُقَراءِ لِسانَ عَويلٍ..
يَحْضِنُ لُعْبَتَهُ قُدّامَ الْجُنْدِ بِلا وَجَلٍ
وَتَلينُ لَهُ الْخُوذاتُ جِراراً لِلْغَرْسِ
يَضَعُ الْبارودَ أَمامَ الرّيحِ تَهِيجُ عُطورا
لِلْحَرْبِ يُغَنّي كَي لا تَحْبِسَ لِلْزَيتونِ غَديرا
لِلْفَجْرِ يَقودُ خُيولَ مُساءَلَةٍ
لِمَ دَرْبُ جُنُوني يُبْكيني قَلَماً وَضَميرا
مَنْ يَسْنِدُ فَوقَ الزّنْدِ غُصونَ الصّفْحِ؟
بَينَ الْحاراتِ يُزَيّنُ مِدْماكاً لَلْصَرْحِ
يَبْني مِنْ أَحْجارِ الْعَثَراتِ سَلالِمَ لِلصّبْحِ
فَدَعوني أَقْطِفُ مِنْ غَسَقي ضَوءَ الْبَيتِ
مَنْ يَغْسِلُ أَعْيُنَ صِبْيَتِنا مِنْ صَهْباءِ الْفِتَنِ؟
كَي أَمْحُوَ مِنْ حِيطانِ الصّبْرِ أَغاريدَ الْمَوتِ
صَحْنُ التّلفازِ أُعَلّقُهُ لِلطّيرِ عِشاشا
وَالضّيفُ أَحُطُّ لَهُ هُدْبَ الْعَينينِ فِراشا
وَأُبَلّلُ مِنْ سِيَرِ الشّهداءِ خَواطِرَ ثَكْلَى
تَسْأَلُ كَيفَ دَوالي الأَرْضِ تَموتُ عِطاشا
أَغَريبٌ يا بَلَدي أنْ أَبْقَى طِفلاً أَتَمَنّى!
شعر/ صقر أبوعيدة