البصرة
تحت مرمى البصر
وبويب خط من الماء رقيق على الأرض
يعبر كعادته اليومية بين هموم المارة
لا يثير أحدا ،
لا يحلم بأبعد من ثياب القرويين
بأكثر من الغنج المتأفف
من جرار الماء ،
الصبا يا الراميات بنحولهن
كظلال على جرفه .
البصرة
تحت مرمى البصر ،
وبويب يتغلغل بين نخل البساتين
يبلل أقدام الصغار
يشدها بخيط رهيف
يفتله من طين الحنين بدربة الخالق
ويصغي لهمس أيامهم ،
صامت كما يليق بنهر .
يشع متألقاً بخضرة النخل
ليندس بالذاكرة ،
ويجري هادئً ، تختفي جرة ماء ، تألف الناس مشقات الرحيل ، تعصف ريح ،
يكثرُ العسس ، وبويب يجري هادىًْ ، على مرمى حجر ،
تحت مرمى البصر ،
ينصب شباك طريد ته
على مهل ،
عيناً تحفره على شغاف القلب
على شاكلة دمعة
صغيرة كقطرة مطر
حارقة كالشوق
لتضيع في قرارة البحر
وتتركه على ناصية الحنين
أمام عيون البشر ، يصرخ : " بويب ......... يا بويب .......
الماء في الجرار والغروب في الشجر " *
* من قصيدة بويب للشاعر السياب