كنت فتاة صغيرة, وكان الأب مثل الضوء الذي يوجد في الثلاجة . ولا ياكاد كل بيت يخلو من ذلك. ولكن لا أحد حقا يعرف ماذا يكون حال ما في البيت وضوء الثلاجة حين تغلق الأبواب.
كان أبي يغادر المنزل كل صباح وحينما يعود في المساء كان يسعد لرؤيتنا. كان دائما يفتح جرة المخلل في حين أنه لم يكن أحد باستطاعته فعل ذلك. كان هو الشخص الوحيد في المنزل الذي لم يكن يتملكه الخوف عند النزول إلى قبو المنزل بمفرده. كان يجرح نفسه أثناء الحلاقة ولم يكن أحد يهتم بشأن هذا الجرح. كان من الطبيعي حينما يهطل المطر أن يقوم بإحضار السيارة قرب باب المنزل. وحينما يمرض أحدنا كان هو الذي يحضر الدواء بنفسه.
وكان دوما مشغول بما فيه الكفاية. حيث ينصب فخاخا للفئران ويشذب الشوك من أغصان الورود حتى لا تعلق بالثياب عندما تكون أمام باب المنزل. ويضع الزيت للزلاجات الخاصة بي كي تكون أكثر سرعة. وعندما حصلت على دراجة خاصة بي كان يجري بجانبي على أقل تقدير مسافة ألف ميل حتى تمكنت من إتقان السير بها.
حيث كان هو الذي يوقع على كشف الدرجات الخاص بي وهو من يحملني إلى سريري مبكرا. كان يلتقط كثيرا من الصور لنا ولم يكن هو فيها. كان هو من يقوم بشد حبل الغسيل المرتخي لأمي كل أسبوع أو نحو ذلك. كنت أخاف من آباء الآخرين ولكن ليس من أبي.
واذات مرة أعددت له كوبا من الشاي. كان فقط ماء وسكر, حيث جلس على كرسي صغير وقال لي بأنه لذيذ. بدا لي أنه غير مرتاح . ذهبت معه ذات مرة إلى الصيد في قارب صغير وقمت برمي أحجار كبيرة في الماء. هددني حينها أنه سوف يرميني في البحر. لم أكن متأكدة بأنه لن يفعلها, حينها نظرت مباشرة في عينيه، عرفت عندها أنه كان يخدعني . فقمت بعدها برمي حجر آخر . كان أبي لاعب بوكر سيئ.
كنت في كل مرة ألعب لعبة دمى صاحبة المنزل، كانت لدى الدمية الأم كثير من الأعمال تقوم بها . لم أكن أعرف ماذا أصنع بدمية الأب. عندها أجعله يتكلم ويقول "أنا ذاهب إلى العمل" وأقوم برميه تحت السرير .
وعندما كنت في سن التاسعة لم يستيقظ أبي في أحد الأيام ويذهب إلى عمله كعادته كل صباح. حيث ذهب إلى المستشفى وفي اليوم التالي توفي.
كان هناك كثير من الناس في منزلنا أحضروا معهم أنواعا كثيرة من الأكل والكعك. لم نتعود على هذا العدد الكبير من الضيوف من قبل.
ذهبت إلى غرفتي وبحثت عن دمية الأب من تحت سريري. عندما وجدتها أزلت عنها الغبار ووضعتها على سريري. لم تقم بعمل أو تتحرك. لم أدرك أن رحيله مؤلم إلى هذا الحد. ولازلت لا أعرف لماذا..!