دَعِِْيني لَكِ...
دَعِِْيني اللَّيْلَةََ لكِ
سَأَخْلَعُ عَلَى أَعْتَابِكِ ذَاتِي
وأحُلُّ ضَفَائِرَ أَفْكَارِي
وأَزْرَارَ لُغَاتِي
سَأَنْزَعُ خُمُراً تُخْفِينِي
تَسْبِينِي
تَحْجُبُني عَنْ أقْرَبِ حَاجَاتي
سَأَكْسرُ قَيْداً أَرْهَقَني
أَزْهَقَني
أَدْمَاني وأَثْقَلَ خُطُواتي
اللَّيْلَةََ أَدْخُلُ مِحْرابَكِ
قَدَماً قَدَما
نَدَماً نَدَما
أَسْكبُ فِي حِجْركِ أَنَّاتِي
وأَحُطُّ حُمُولاً تُعْجِزُني
ووَجَعْاً يَعْبَثُ بِرُفَاتي
أَتَرَجَّلُ مِنْ فَوْقِ جَوَادٍ
أَعْيَتهُ الرِحْلُ
فَأَغْتَسِلُ ثَلاثاً..
وأُقِيمُ صَلاَتِي.
••
لا تَنْدَهِشِي...
لا تَنْدَهِشِي لِعَوْدَتِي
فَالطِّفْلُ المُتَسلِّلُ خَلْفَ رِجَالِ القَرْيَةِ إلَى بَاطِنِ الجَبَل
يُعِيدُهُ الحَنِينُ إلَى قِطْعَةِ حَلْوَى
والفَتَى المُسَافِرُ خَلْفَ الفَرَاشَاتِ إلَى مُرُوجِ الحُلْم
يُعِيدُهُ طَعْمُ القُبْلَةِ الأُولَى
والعَاشِقُ المَكْسُورُ شِرَاعُهُ فِي مُحِيطَاتِ الطُّهْر
يَرْسُو عِنْدَ أقْرَبِ مِينَاءٍ بِلا دَائِرَةٍ جُمْرُكِية
والفَارِسُ المَهْزُومُ فِي سَاحَاتِ النُبْل
يَغْزِلُ مِنْ الأَسِرَّةِ المُلَوَّنةِ رَايَاتٍ لِلنَّصْر.
••
لا تَنْدَهِشِي...
إِذَا مَا اِكْتَشَفتِ أَنَّنِي أُجِيدُ التَسَكُّعَ فَوْقَ الأَرْصِفَةِ المُبَلَّلةِ
لَيْلَةََ الكِرِيسْمَاس.
وأَنَّنِي أُجِيدُ مُرَاقَصةَ السَّاقِطاتِ فِي الحَانَاتِ الرَّخِيصَة
لا تَنْدَهِشِي...
إِذَا مَا اِكْتَشَفتِ أَنَّنِي بَارِعٌ جِدّاً فِي مُغَازَلَةِ النِّسَاء
والعَزْفِ عَلَى أَوْتَارِ الصَبْو
حَتَّى السَّاعَاتِ الأُولَى مِن الصَّبَاح
لا تَنْدَهِشِي...
فَأَنَا؛ يَا عَزِيزَتي؛
أَنْهَكَني التَحْلِيقُ حَوْلَ القَمِرِ عَلَى جَنَاحِيْ مَلاك
وقَرَّرَتُ اللَّيْلَةََ النُزُولَ إلَى أَرْضِ البَشَر.
••
اللَّيْلَةََ سنَتَّخِذُ الجَسَدَ لُغَةً لِلحِوَار
فَأَنَا أَنفَقْتُ العُمْرَ فِي تَدْرِيسِ لُغَةِ الرُّوح
وتَقْدِيسِ لُغَةِ الرُّوح
وأَنَا أَعْلَنتُها شَرْعاً يُوَحِّدُ الأَدْيَان
وأَنَا أسَّستُها وَطَناً يَزْرَعُ الرَّيْحَان
وأَنَا مَنَحْتُها صُكُوكاً لِلمَغْفِرَة
وبَذَرتُها فِي كُلِّ أَرْضٍ مُقْمِرة
وأَنَا أَسْكَنتُها الشِفَاهَ والقُلُوبَ والأَجْفَان
وأَنَا اِكْتَشَفتُ مُتَأَخِّراً...
أَنْها لا تَمْنَحُ الدِّفْءَ لِلقُلُوبِ المُتَآكِلة !
••
لا تَهْمِسِي... لا تَهْمِسِي
فَفِي الغَرْبِ يَا عَزِيزَتي
يَجْعَلُونَ يَوْماً لِتَعْريَةِ الأَجْسَاد
وفِي الشَّرَقِ يَنْتَهِكونَ جَهْراً
حُرْمَةَ الأَعْياد
أَمَّا أَنَا...
فَقَدْ قَرَّرَتُ اللَّيْلَةََ أَنْ أُجَرِّبَ تَعْريَةَ الأَفْكَار !
••
قليلٌ مِنْ العِطْرِ يَكْفِي
وقَمِيصُكِ الشَّفَّاف
فَأَنَا أَكْرَهُ التَّزْيِين
وأَكْرَهُ التَّجْمِيل
وأَنَا أَكْرَهُ التَّزْيِيفَ والتَّمْثِيل
وأَنَا أَكْرَهُ النِّسَاءَ يَتَبَدَّلْنَّ كَالفُصُول.
••
لا تُفْزَعي ... لا تُفْزَعي
لا تَغُرَّنَّكِ الأَخَادِيدُ المَحْفُورَةُ فِي جُدْرَانِ القَلْب
أَوْ الشَّيْبُ المُتَنَاثِرُ فِي أَرْوقَةِ الرُّوح
فَشَيْخُوخَةُ الثَلاَثِينَ - صَغِيرتِي-
قَدْ تَقْتُلُ فِينَا الطُّفُولَة
وقَدْ تَغْتالُ بَرَاءةَ الحُلْمِ
وزَهْوَ الشَّبَابِ
وبَعْضاً
مِنْ طُمُوحاتِ الرُّجُولَة
لَكِنَّها أَبَداً...
لا تُصِيبُ الفُحُولة !
••
تَرَفَّقي...
تَرَفَّقي بِالرَّأْسِ المُتْعَبِ
إِذْ تُرِيحِينَهُ عَلَى وَسَائِدِ صَدْرِكِ
فالأَفْكَارُ الشَّفَّافة..
سَهْلةُ الكَسْر!
••
لا تَخْجَلِي... لا تَخْجَلِي
فَنَحْنُ؛ يَا عَزِيزَتي؛ شَبِيهَان
نحن؛ يَا عَزِيزَتي؛ قَرِينَان
دَفَعْتِ الجَسَدَ طَوْعا
ودَفَعْتُ الذَّاتَ طَوْعا
عَلَى طَرِيقِ الخَطِيئَةِ
أَضَعتِ كُلَّ شَيْء
وعَلَى طَرِيقِ الطُّهْرِ
أَخْسَرُ كُلَّ شَيْء
فَكِلاَنَا؛ يَا عَزِيزَتي؛
مَارَسَ العِهْرَ دُونَ مُقَابِل !
••
اللَّيْلُ سُوَيْعَاتُهُ تَمُرُّ سِرَاعا
لَكِنَّ الصُّبْحَ لا يَجِيء !
••
إسلام شمس الدين
islam_shamseldin@hotmail.com