صُوَرُ الشّعْرِ احْتَرَقَتْ وَالْخَاطِرُ يَهْرُبُ مِنْ نَاري
فَدَعَوتُ فُؤادِي يَقْطِفُ منْ ضَحِكاتِ الْوَرْدِ لأَشْعاري
وَلِيَكْتُبَ وَمْضَةَ حُبٍّ أَرْوِيها نَغَمِي
هَمَسَالْجَمْرُ الْمَدْفُونُ إلى قَلَمِي
وَتَوَكّأَ فَوقَ غَريبِ اللّحْنِ يُحَاوِرُني
في مِلْحِ الشّعْبِ إِذَا مَا عَادَ إلى الْبَحْرِ
فَتَمَطّى بَينَ يَدَيّ وَقَالَ اكْتُبْ:
لِمَ دَمْعُ دَوالِينا سُرِقَتْ أَلْوانُ حَلاوَتِهِ؟
وَحَوارِينا ما زالَتْ تَشْري أَكْفانَ الْمَوتَى
وَرَصَاصُ الْغَدْرِ يُبَاعُ على جُدْرانِ مَدَارِسِنا
لِمَ يَلْبَسُ فَجْرُ بِلادِي أَثْوابَ الْمَنْفَى؟
وَتَساءَلَ كَيفَ يَضِيعُ الْحَرْفُ على سَطْري!
وَالْقَلْبُ تَقَلّبَ عْرَياناً يَتَجَشّأُ مِنْ صَبْرِي
وَاكْتُبْ عنْ نَخْلَةِ قُومٍ تَعْصِرُ ثَدْيَيها قَبلَ الْبُسْرِ
تَكْسُو عِطْفَيها بِالْخَيشِ الْمَنْسُوجِ منَ الْجَورِ
وَاكْتُبْ عنْ أُمٍّ تَحْضِنُ صَرْخَةَ طِفْلَيها تَحْتَ الْهَدْمِ
وَالدّارُ تَحِنُّ لِبانِيها وَالْجَاني يَبْني حَسْرَتَها
فَبَأَيّ حَديثٍ أَعْذُرُ جُرْحَ فُؤَادِي
وَتَوَسّلَ دَمْعي لِلْغَاوِي أنْ يُشْعِلَ شَمْعَةَ سَبْقٍ في الشّعْرِ
فَتَنَحّى جَنْباً يَرْسُمُ أَرْغِفَةَ الْفُقَراءِ وَلِساناً حُرّاً في الْوَعْرِ
أَلْمَحْتُ لهُ أنَّ اللّحَظاتِ تُقاتِلُنِي
وَالْوَقْتُ عَسيرٌ والْمِيعادُ يُهَمْهِمُ لِلْمَغْنَى
فَصَرَخْتُ أنِ اكْتُبْ لي شّطَحاتٍ أُلْقِيها
قُدّامَ جَلاوِزَةِ النّقْدِ الْمَشْكُوكِ بِغِيرَتِهمْ
فَعَساني أَحْمِلُ كَأْساً تَغْبِقُ منْ بِئْرِي
وَارْسُمْ بِرْوازَ أَغانٍ فَوقَ عِظامِ النّصِّ ولا تَجْزَعْ
فَهَناكَ عُيونٌ تَلْحَسُ كُلّ حُروفي لَمْ تَشْفَعْ
فَانْزَاحَ يُدَمْدِمُ يَشْرَبُ غَصْباً منْ حِبْرِي
وَعلَى خَدّ الْوَرَقِ الْمَصْقُولِ تَفَشّتْ أَحْرُفُهُ
أَلْقَيتُ عَلى أُذُنَيهِ غِنَاءً لَمْ يَكُ يَعْرِفُهُ
فَتَنَحْنَحَ فَوقَ السّطْرِ ولمْ يَهْمِسْ
رَفَضَ الْعَرْضَ الْمَحْفُورَ على عَتَباتِ الرّقْصِ وَلمْ يَجْلِسْ
وَاخْتارَ رُمُوشَ الشّمْسِ يُكَحّلُها
بِهُمومٍ تَرْقُدُ في حَدَقِ الأَيّام ِبلا حَذَرِ
فَرَأَيتُ زَئِيرَ الْفَكّ وَقَدْ صَكَّ الأَضْراسَ بِثَورَتِهِ
ارْجِعْ لِشَغَافِ الشّعْبِ وَفَورَتِهِ
لا بَوحَ يُعيدُ الْوَرْدَ لِنُضْرَتِهِ
هَوَجُ الْكَلِماتِ يَقُودُ االرّيحَ لِفِتْنَتِا
إِذْ يَقْذِفُ بَهْتاً في النّسَماتِ فَتَشْقَى شَأْفَتُنا
وَأُشِيرُ لَهُ
أَنَهِيمُ عَلى فَزَعِ الأَمْعاءِ وَنَسْتَقْرِي
مَا هَمُّكَ لَو خَسِرَ الأَقْوامُ بِلاداً تَسْتَجْدِي
أَصْنَافَ النَّخْوَةِ منْ أَفْواهٍ تَسْتَعْدِي
وَتَراها تَعْجِنُ أَوهاماً وَالْخُمّةُ تَطْلِيهِ
يَا نَجْمَ غَوَايَتِنا لَمْ أَكْتُبْ بَيتاً في الْخَمْرِ
لَمْ يَخْطُرْ يَوماً في بَالي
(يَالَيلُ الصَّبُّ مَتَى غَدُهُ)
دَعْني وَالْغاوِينَ الشّعَرَاءَ إِذا مَرُّوا
فَلَعَلّي أَغْزِلُ قِصّةَ حُبٍّ تَعْذُرُني إِذْ مَا سَخِرُوا
فَطَحينُ الْخُبْزِ يَشُدُّ الثَّغْرَ إلى الْجَمْرِ
وَيُزَيِّنُ أَنْفَ الْغُرْبَةِ، وَالْعَثَراتُ تُعَرِّي ثَورَتَنا
ارْكُضْ بِحِصَارِكَ حِينَ غُروبِ الشّمْسِ وَقَبلَ هُبوبِ الْعَولَمَةِ
لَمْ يَبْقَ هُنا غَيرُ الْقِسّيسِ يُلاعِبُ سبْحَتَهُ
يَصْطادُ مِنَ الأَنْفاسِ بِمَا يُغْرِي
قُدّامَ الشّيخِ إِذا هَرَبَتْ مِنْ بَينِ يَدَيهِ سَجِيَّتُهُ
قَلَمي يَغْفُو بَينَ الْخِلاّنِ وَبينَ مَطَارِقِ فُرْقَتِهمْ
أَرْجُوهُ رَجَاءَ الأَوَّابِينَ إِذا سَمِعُوا زَفَراتِ مَقَابِرِهمْ
قُمْ أَسْرِجْ نَجْمَةَ خَيمٍِ في الظُّلَمِ
لَنْ أُفْرِغَ حُزْنِي في عَظْمِي
إِيتُوني بِالْقِرْطاسِ على رُمْحٍ كَي أَرْسُمَ دَرْبَ عُرُوبَتِنا
تَتَدَفّّقُ حُبّاً فَوقَ حُروفِ النَّصِّ بِلا وَتَرِ
لا تَسْأََلْ عَنْ طُرُقِ الْخِذْلانِ مَتى رُصِفَتْ
فَوقَ الأَحْلامِ وَبَينَ حُدُودِ الصَّمْتِ بِما قَتَلَتْ
فَلنَا صُبْحٌ يَتَقَلَّى فَوقَ جَبينِ الشَّمْسِ وَلا نَدْرِي