الموسيقى اليونانية.. لحن الإغريق يـعانق التاريخ والأدب 2

2016-12-11
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/c956831a-702b-4371-ac2c-5c11c9d09db8.jpeg

 
الآلات الموسيقية

لم يقف اهتمام اليونانيين عند حدود الغناء الجماعي، فهم ذهبوا بعيدا في اهتمامهم بالآلات الموسيقية التي كانت من النوع البسيط، وتقوم على الأسس التي نعتمدها في أيامنا هذه، ومن أبرز آلاتهم تلك: القرع ( لم يكن واسع الانتشار )، النفخ ( اعتمد فيه على آلة الناي التي كانت شائعة الانتشار في اليونان، واستخدموا الناي المزدوج )، وتم تطوير الناي وصولا الى ايجاد آلة القرب، البوق .

وكان العزف على الآلات الوترية، مقصوراً على شد الأوتار بالأصابع أو المنقر.

ولم يكن العازف ينحني في أثناء العزف. ووجدت أنواع مختلفة من القيثارات، صغيرة وكبيرة، ولكنها كانت في جوهرها شيئاً واحداً، فكانت كلها تتكون من أربعة أوتار أو خمسة، جميعها مصنوع من أمعاء الضأن، وهي مشدودة على قنطرة فوق جسم رنان من المعدن، أو صدفة سلحفاة. وكانت القيثارة صنجاً (كنجاً) صغيراً، يستخدم أثناء غناء الشعر القصصي. واستخدمت القيثارة اليونانية الصغيرة، مع الشعر الغنائي، ومع الأغاني بوجه عام.وربط الإغريق بين المقامات الموسيقية والحالات الشعورية، على نحو ما نربط نحن اليوم بين السلّمين: الكبير والصغير.

 

الموسيقى والرقص

ارتبط فن الرقص عند الإغريق، ارتباطاً وثيقاً بفن الشعر، وفن الموسيقى، إلى الحد الذي لا تكتمل معه صورة الموسيقى الإغريقية، من دون اعتبار الدور الذي كان يؤديه الرقص. والمرجح أن يكون الرقص قد نشأ بوصفه أحد الطقوس السحرية الدالة رمزيا على الغرائز، ثم انتقل إلى مجال التعبير الإيقاعي، مثلما انتقلت الأغنية من أنغام التعاويذ السحرية إلى صورتها الفنية المستقلة، مع احتفاظ الرقص ببعض آثاره الطقسية، حتى عصرنا الحالي. وقد ارتبط الرقص ارتباطاً أساسياً بالدراما الإغريقية التي تُعدّ أرقى وسائل التعبير في عقيدة ديونيسوس، حيث يعكف الكورس على إنشاد الشعر إلى جانب أداء الرقصات التي لم تقتصر على مجرد التلميح بالإيقاع، وإنما كانت تعبيراً متطوراً بإيماءات تفسر مضمون الشعر، كما كانت الدراما تُختتم برقصات مشابهة لمسيرة المواكب، وفقاً لإيقاع لحن المارش.

 

في الدراما والمسرح

مع أن الموسيقى، أدت دوراً مهماً في الدراما اليونانية، إلا أن هذا الدور لا يزال غامضاً، وإن كان من المعروف أن الكورس كانت له وظيفة غنائية في التمهيد للمشاهد المسرحية، وفي مصاحبتها، وكان يتألف أصلاً في مسرحيات «التراجيديا»، من اثني عشر فرداً، زادوا فيما بعد إلى الـ 15، في حين بلغ العدد في الكوميديا، 24 . وكان الممثلون يقومون بالغناء من وقت لآخر أثناء تأدية أدوارهم التمثيلية، بينما يستمر العزف على الأولوس خلال بعض أجزاء التمثيلية، بما يضفي على الدراما مسحة المسرحية الغنائية. وكان مزمار الأولوس هو الآلة المكلفة بالأداء الموسيقي المسرحي، ولم يكن يُستخدم منه في هذا المجال إلا آلة واحدة فقط، ولم يُستبدل قط بآلة الليرا في الأداء المسرحي.

ومع أن أدوار الكورس كانت قصيرة، إلا أنها كانت تشكل في مجموعها عنصراً أساسياً في الدراما، وكان إنشادها يستغرق وقتاً أطول من أجزاء تمثيل الحوار الكلامي.

وفي المقابل، تألقت الموسيقى الإغريقية في الأعمال المسرحية التي كانت تضم الموسيقى إلى الرقص والغناء الفردي والثنائي الجماعي، بل إن الأوبرا الحديثة لم تكن في البدء إلا محاولة من جماعة «كاميراتا» في فلورنسا عام 1600، لإحياء الدراما الإغريقية، غير أنها آثرت هذا الطابع الذي تتميز به اليوم.

وكان مؤلفو الدراما الأثينيون يضطلعون أيضاً بإعداد النص والألحان الموسيقية، وبتدريب المغنين والعاملين بالإخراج المسرحي، بل وبأداء أحد الأدوار المسرحية. وكانت مسرحياتهم غنائية تلعب الموسيقى الدور الرئيسي فيها، مثل: مسرحية «الضارعات» لإيسخولوس. وحتى المسرحيات التي يضطرم جوهرها الدرامي، مثل مسرحية عابدات باكخوس «باكانت» لأوريبيديس.

وكان المخرج لكي يؤجج انفعال المشاهدين، يدع الموسيقى تتسلم القيادة على نحو ما يحدث حين يفيض إحساس المرء إلى الحد الذي لا تسعفه معه الكلمات، فيلجأ إلى إصدار الأصوات المبهمة والإيماءات الغامضة، وهو ما اقتبسه فاغنر عن الإغريق وطبقه في دراماه الموسيقية. وقد ظلت جماعة الكورس تمثّل بؤرة التعبير الموسيقي والدرامي التي تنطلق منها العناصر الأخرى، حتى عدها نيتشه الشيء الواقعي الوحيد الذي تتولد عنه المرئيات الأخرى، والذي يعبّر بالرمز من خلال الرقص والنغم والكلمات.

ورغم التطور الحديث، واندثار حضارة الإغريق، إلا ان اليونانيين لا يزالون يولون الموسيقى اهتماماً خاصاً، وقد برز من بينهم مجموعة كبيرة من محبي الموسيقى الذين أبدعوا في تقديم مقطوعات موسيقية أبهرت العالم، ومن أبرز هؤلاء الموسيقار ياني الذي يتمتع بقدرات فنية عالية، لدرجة أن البعض اعتبره ظاهرة موسيقية، بعد ان تمكن من ملامسة قلوب محبي الموسيقى بما قدمه من مقطوعات رائعة، واحتار الكثيرون به وبروعة موسيقاه وبأسلوبه الفريد.

وقصة ياني مع الموسيقى بدأت عندما ترك موطنه في عام 1972 ليلتحق بجامعة مينوسوتا الأميركية لدراسة علم النفس، وهناك اشترك مع فرقة روك تدعى كاميلون، وبدأ في تطوير اسلوبه الموسيقي الخاص، مستخدما البيانو والأورغ، ليبتكر أصواتا جديدة، وبعد تخرجه من الجامعة، في عام 1979، قرر أن يمنح الموسيقى كل وقته واهتمامه، وعلى الرغم من أنه لا يقرأ النوتة الموسيقية، تمكن من تأليف أعمال كاملة، تتميز بقدرتها على الذوبان في النفس. والى جانب ياني، عرف العالم الموسيقار اليوناني فينجيليس، الذي تمكن بموسيقاه من غزو قلوب محبي الموسيقى، فخلال مسيرته الفنية والتي استمرت أكثر من 30 عاماً، تمكن من إبهار العالم بإنتاجه وابداعاته، والتي تلقى عليها العديد من الجوائز.

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved