بأمل الا يكون هذا مدحا شخصيا للشقيري بل للفكر الذي يحمله وانتهجه عمليا في برنامجه (خواطر) الذي يعرض على قناة ال mbc والرسالة يوميا ، وهو يحمل لنا في كل حلقة مفارقة موجعة تضعنا في مواجهة حقيقية مع ما آلت إليه تلك الأمة التي حملت شعلة الإبداع على مدى قرون طويلة أنارت فيها الكون بما حملته من علوم وابتكارات لتجد نفسها اليوم في قاع الأمم !
المتابع لبرنامج الشقيري الذي يحمل شعار الإحسان سيجد أن الإسلام ليس طقسا عباديا فقط متمثلا بالعبادات ، بل سلوكا واقعيا يؤكد على كل قيم النجاح والإخلاص في العمل الذي هو أحد أهم قواعد النجاح ، وجاءت فكرة هذا البرنامج بعمل مقارنات مع نماذج لدول ناجحة ومع دولنا العربية المنكوبة بكل مفردات التأخر، وبقدرما كانت المقارنات موجعة كان ثمة أمل بأن هنالك (حلول ) .. الكلمة التي رددها الشقيري في كل حلقة وهو يؤكد انه يقترح حلولا لايفرضها فنجده يختار النموذج التركي مبينا أسباب نهوضه وتطوره العلمي والتقني والاقتصادي فيسلط الضوء على اهتمام الدولة التركية بوقت المواطن واستثمار الوقت للإنتاج لا لإضاعته، من خلال ابتكار باصات صغيرة تسير وفق نظام معين يمر بكل مناطق اسطنبول وبأسعار زهيدة رغم حداثتها وجودتها وتجهيزها بكل مستلزمات الراحة، وحين عمل الشقيري مقارنة بسيطة مع صاحبه التركي الذي قرر أن ينطلق بسيارته لوجهة محددة، بسيارته الشخصية فيما انطلق هو بهذه الحافلات ليعرف فارق الوقت بين وسيلتي النقل، اكتشف الفرق الكبير بين الوسيلتين، فقد وصل صاحبه بعد ساعات من وصوله للنقطة المحددة ..!
من هذه التجربة البسيطة تم استنتاج أن هذه الباصات الصغيرة ساهمت مساهمة ايجابية فاعلة في ترشيد الوقت والمال للمواطن التركي !
فيما أثبتت التجربة ذاتها أن استخدام السيارات الخاصة أهدار للوقت والمال والأعصاب أيضا !
ويعود ليستعرض تكلفة مشروع الباصات الصغيرة من الألف الى الياء .. وفي استعراضه دعوة للجميع بتطبيق هذا النظام رأفة بأوقاتنا المهدورة عبثا .. وأعمارنا المراقة على أرصفة الانتظار !
وفي تجربة عملية أخرى اتخذ نموذج التجربة النهضوية الصينية مبينا أهمية الرياضة لدى طلبة المدارس ودورها في حياتهم الدراسية والعملية والنفسية وأثرها على نهضة البلاد في الجانب الرياضي مبينا في جدول إحصائي كيف وصلت الصين الى المراتب الأولى في المسابقات العالمية لتأخذ الكأس بعد سنوات من التخطيط والتدريب كانت لبناتها وخطواتها الأولى من المدرسة !
ويعود ليقارن بنموذج عربي مصورا حديقة المدرسة المهملة المخصصة لدرس الرياضة الذي يكون عادة درسا مهمشا لايمتلك حضورا حقيقيا فاعلا في حياة طلبتنا، فيقوم الشقيري مع أصدقائه بإعادة تأهيل هذه الساحة المهملة لتكون ملعبا نظاميا يتسابق فيه الطلبة في نهاية الحلقة كاشفا عن مواهب حقيقية في اللعب وفي التعليق الرياضي الاحترافي ويضاف الى ذلك تحويل الرياضة الى درس تربوي أخلاقي من خلال تعليمهم الروح الرياضية التي تحول الخسارة الى فوز .
لايكتفي الشقيري بالجانب التعليمي فيتعداه الى جانب آخر وهو جانب تعاملات نقل الملكية وهذه المرة يأخذ النموذج التركي مع نموذج عربي ناجح ينافس الدول المتقدمة وهو إمارة دبي فيعمل مقارنة في الإجراءات والوقت الذي تستغرقه عملية نقل الملكية ولا نجد فارقا كبيرا بين النموذجين فكلاهما ينتهجان منهجا واضحا ويحملان شعارا واحدا وهو إن إرضاء الآخرين غاية تدرك وهذا ماجاء على لسان مدير دائرة نقل الملكية في دبي ورأيناه بوضوح من خلال معاملة أنجزت في عشرين دقيقة فقط !
مازال البرنامج يعرض .. مبيّنا لنا معاناة بلداننا المتأخرة واضعا حلولا ومقترحات عملية تؤكد انه ليس من المستحيل أن نطبق نموذجا ناجحا للنهوض بهذا الواقع الذي لايليق بنا كعرب ومسلمين كانت ولا تزال رسالتهم الأولى إشاعة كل قيم المحبة والتسامح والنهوض والتطور والعلم في كل مكان وزمان .
لقد خرج برنامج "خواطر" من الشاشة ليكون مشروعا نهضويا تعبويا حقيقيا يقود بخطوات واضحة الى نهضة حقيقية وهذه دعوة لكل مسؤولينا الذين سيسألون عنا وعما قدموه لنا يوما بأن يتابعوا هذا البرنامج لعله يكون سببا في نهضة قادمة ليست مستحيلة ...
إنها حلول ..
مجرد حلول !
rasha200020@yahoo.com