سكنت عند مغادرتي العراق بعام 1994 الى ليبيا في أحد الفنادق المطلة على البحر المتوسط، وفي تلك الليلة السعيدة على العالم والثقيلة عَلَيَ، بعدما فرغ الفندق من ساكنيه عداي أنا .. شعرت وأنا أنظر في البحر المتسع الرهيب بإغترابٍ خانق وبحزن عميق، فكتبت :
في ضياعي
هذه الليلةُُ
ألتاع من الوحشةِ ..
لا أفتح شباكا ولا أفتح بابْ
وحدي أدمّي ..
مقلتي بجمر أيامي القديمة
أخدشُ غربتي
بأظافرٍ من ذكرياتْ
هذي طقوسيَ ..
منذ أن رحلَ الشتاءْ
كلُ عامٍ يسقط الثلجُ ..
على كل العواصمْ
غير أني
مات مني القلبُ ..
في آخر أيام الخريفْ
وتجمّدتُ على نهرينِ ..
كانت دافئهْ
ربما يأتي شتاءٌ ..
فربيعٌ..ثمّ .. صيفٌ فخريفْ
ثمّ .. ثمّ ..
ربما لا يأتي ثمّ
لم أزل في مثل هذا اليومِ ..
أحزنْ
كيف أغتالُ السنين ..
وأنا أنزعُ أعوماً من العمرِ ..
وقد أنسى اليقينْ
ها هو الشباكُ مفتوحٌ ..
أمام الثلجِ .. لا يهوي
ولا يهوي .. ولا يهوي
ويبقى أبيضٌ قلبي
وكل الأرضِ بيضاءٌ ..
بلا لونٍ .. فأين الدفء ؟ ..
إني قد نسيت ْ
كيف أني كنت أُشْفى
عندما ينزلُ ..
ثلجٌ في الشتاءْ .
31/12/199