وَضَعُوهُ على الْمِيزانِ..
وَكانَ الصّبْحُ طَرِيّا..
خَدّانِ ابْتَدَأَا وَجَعا
في دَرْبِ الْعُمْرِ..
وَكَانَ الْقَلْبُ نَدِيّا..
غُصْنٌ مَكْتُوفٌ يَتَقَلّبُ بَينَ أَيَادِيهمْ
لا يَدْري ما في خَاطِرِهِمْ
أَجْفَانُ الأُمّ تَدُورُ بِكُلّ زَوايا الأَرْضِ..
وَصارَ الْوَقْتُ عَصِيّا..
فَاعْتَصَمَتْ بِالدّمْعِ وَبِالْتَرْتِيلِ..
تَجُولُ بِطَعْمِ التّيهِ عَلى الأَنْحَاءِ..
وَكان النّجْمُ صَبِيّا..
تَحْبِسُ جذْوَتَها عَنْ حَلْبِ الدّفْءِ..
وأَرْقُبُهُ فَيُنَادِي بِالْهُدْبَينِ..أَبِي
لا تَتْرُكْني لِطَبِيبٍ بَينَ يَدَيهِ مِقَصٌّ..
تَقْطُرُ مِنْهُ جِراحٌ تُرْعِبُني
وَتَدَعْهُ يُمَزّقُ أَحْشائِي
لا يَدْري أَينَ نِهَايَةُ مِشْواري
هَلْ يُرْجِعُني ؟
دَعْني للهِ فَبي قَدْ كَانَ حَفِيّا..
رَبّ لَجَأْتُ إلَيكَ..
أُناغِي زَقْزَقَةً طَارَتْ قُدّامَ الْعَينِ تَقُولُ..أَبي
وَالْخَدّانِ اخْتَفَيا تَحْتَ الأَضْوَاءِ..
فَتُهْتُ بِلا قَدَمَينِ وَكَنْتُ شَقِيَا..
إِذْ أَخَذُوهُ عَلى عَجَلٍ
وَتَسِيرُ عُيُوني خَلْفَ سَريرٍ يَنْقُلُهُ بَينَ الْغُرُفاتِ قَصِيّا..
تَأْخُذُني نَوباتُ الْغَمّ فَلا أَدْرِي
لِمَ خَيلِي تَكْبُو حَيثُ النّاسُ..
ولم تَأْلَفْ في دَرْبي إِنْسِيّا
وَالأُمُّ تَذُوبُ بِثَوبِ الصّمْتِ بِلا قُوّهْ
تَتَوارَى في سُوَرِ التّنْزيلِ عَلى خُلْوَهْ
وَأُحَاوِلُ أَنْ يَتَخَطّى قَلْبي خَاطِرَةً تَسْرِي
أَو أَقْذِفَهُ في الْغَيبِ فَلا يَصْحُو..
إلا وَالأَخْبارُ انْتَشَرَتْ نَشْوَهْ
وَاشْتَدّتْ حُرْقَةُ أَنْفاسِي
فَرَأَيتُ زُجاجَ الْغُرْفَةِ يَطْبَعُ نَاصِيَتي
وَاهْتَزّتْ مِنْ نَظَرَاتٍ تُرْقُوَتي
أَأَنا ذَاكَ الأَبُ أَمْ رَسْمي يُخْفِي هَيَجاناً قَهْريّا
وَتَمُرُّ بِيَ اللّحَظاتُ..
وَشَريانُ الصّبْرِ انْتُزِعَتْ مِنْهُ الْغاياتُ..
فَحَطَّ الْخَاطِرُ في ريقي مِلْحَا
في غَيبَتِهِ تَتَوَسّدُ حَنْجَرَتي جُرْحَا
وَظُنُوني تَأْخُذُها جَولاتُ الذّعْرِ..
وَغُرْبَةُ أَوقاتي اغْتالَتْ صَبْري
وَفُؤادِي يَعْلُو يَقْبِضُ..
يَخْبُو يَقْدَحُ يَجْرِي..
يَكْبُو يَلْعَقُ يَذْرِفُ هَمّاً مَخْفِيّا
فَمَراجِلُ صَدْري تَغْلي بَينَ ضُلُوعِي..
لَيسَ لَها مَدَدٌ..
وَالأُمُّ َأُشِيرُ لَها ما كُنْتُ نَبِيّا
واشْتَقْتُ لِهَمْسَةِ خَدٍّ تَشْدُو مَرْضِيّهْ
وَشَواطِئَ لا زالَتْ تَتَهادَى في بَحْرِي
فَالْمَوجُ يُقَلّبُ في سُفُني
وَالرّيحُ تَهِيجُ عَلى عُذْرِي
فَحَشَرْتُ دُمُوعِي بَينَ مَذارِفِ خَوفي وَالشّجَنِ
وَأَحُومُ عَلى النّجْوَى وَالْعُسْرُ يُقَاتِلُني
وَعلى جَمَراتِ الْوَقْتِ..
أُبَلّلُ أَوْرِدَتي بِالْهَبْوِ وَبِالْوَسَنِ
وَالأُمُّ تُحَاوِرُ قَلْباً مَصْلِيّا
أَيَكُونُ فُؤادِي بَينَ أَيادِيهمْ لا زَالَ يُنادِيني
حَضَنَتْ عَينايَ حَمامَةَ حُبٍّ تَهْمِسُ لي..أَبْشِرْ
جَاءتْ تَجْري قُدّامَ حُصُونِي..
تَنْثُرُ فَرْحَةَ صُبْحٍ تَرْقُصُ بَينَ بُكاءِ صَبي
قَطَراتُ الصّحْوَةِ تَرْوي ثَغْرَ الضّحْوَةِ بِالْبُشْرَى
فَسَمِعْتُ بَلابِلَ أَشْجَاني بَينَ الْخَطَراتِ..
تَقُولُ..أَبي