في الْحُولَةِ أَسْئِلَةٌ تَتَخَطّى أَسْنِمَةَ الْعَجَبِ
لا رَدَّ هُناكَ يَصُدُّ رَصاصاً يُسْرِفُ في الطَّلَبِ
لا بَابَ يَقُولُ أَنا لِلرّيحِ وَلِلَّهَبِ
في الْحُولَةِ يَنْزِفُ عِطْرُ الْوَرْدِ وَلا يَدْرِي
وَالْخَوفُ يَمُرُّ عَلى الْجُدْرَانِ وَأَحْذِيَةِ اللّعِبِ
حَنَكُ الدّبّابَةِ يَمْلأُ مَقْبَرَةً بِفَسَائِلَ مِنْ زَغَبِ
سَلَخَ الأَسْبابَ وَلَمْ يَتْرُكْ أَسَفا
في الْحُولَةِ تَسْكُتُ رَفْرَفَةُ الأَجْفانِ لتُلْجِمَ أَشْعارَ الْعَرَبِ
وَشُمُوعُ الصّبْحِ تَذُوبُ عَلى الدّرْبِ
عِنَبُ الأَحْلامِ تَراهُ طَرِيّاً يَحْتَضِرُ
وَالْفُرقَةُ تُذْكي جَمْرَتَها في الْبيدِ وَفي الْحَضَرِ
تُخْفِي غُصْنَ الْحَقِّ الْمَشْنُوقِ عَلى حَرْفِ السّينِ
وَالْفَجْرُ يَغُمُّ عَلَينا حَتّى اللّيلِ بِأَغْطِيَةِ النّكْرِ
وَسَمِعْنا صَوتَ خَناجِرَ تُحْشَى بَينَ عَراقِيبِ الْوَطَنِ
عَجَباً كَيفَ الأَفْوَاهُ تُقادُ إلى الْوَثَنِ
بَينَ الأَقْوَالِ وَبينَ تَحالِيلِ السّبَبِ
هَلْ لِلْمَوؤُودَةِ أَنْ تُنْجَى مِنْ حَبْلٍ يُجْدَلُ لِلْقَبْرِ؟
لِمَ يُلْصَقُ عَظْمُ بَراءَتِنا فَوقَ الْحِيطانِ إِذا حَلُمَتْ؟
وَسِلالُ اللّحْمِ مُوَزّعَةٌ بَينَ الأَكْفانِ عَلى الطّرُقِ؟
في الْحُولَةِ دَمْعَةُ ذِئْبٍ بَلّلَها مَهْوُوسٌ بِالْكَذِبِ
وَتُحاكُ على صُلْبِ الْفَخّ الْمَفْتُولِ مِنَ الْغَسَقِ
وَبَنَى لِلْجَيشِ سَراباً حَتّى يَلْهُوَ بِالشّعْبِ
سَبَحَ الْبارُودُ على الرّمْضاءِ وَغَبَّ مِنَ الْعَلَقِ
هَوَجٌ رَقَصَتْ فِيهِ الأَنْيابُ على الْعُنُقِ
وَقَرَأْنا ظُلْمَةَ أَخْبارٍ تَعْوي بَينَ الصّحُفِ
قَلَمُ التّأْرِيخِ يُعَبّأُ مِنْ بِرَكِ الأَهْواءِ وَقَدْ نَتِنَتْ
يَهْفُو لِصُراخِ الرّيحِ وَيُرْسِلُها نَغَمَ الشّرَرِ
أَرَأْيتُمْ كَيفَ دُمُوعُ التّينِ تَسِيلُ بِلا حَدَقِ
في الْحُولَةِ يَدْخُلُ حُرّاسُ الأَحْقادِ مِنَ الْخِرَبِ
تَتَخَطّفُ حِضْنَ الدّفْءِ مِنَ الأَبْكارِ وَذِي الْخِدْرِ
وَتُقادُ إلى سِمْسارٍ يَحْمِلُ رِفْشاً لِلْحَتْفِ
لا يَسْتَحْيِي أنْ يَدْخُلَ مِنْ بَابِ الْقَذْفِ
أَوْ يَرْفَعَ أَلْوِيَةَ الْعارِ
فَالنّخْوَةُ نَامَتْ في الْوَهْنِ الْقَمَرِي
وَالذّنْبُ يُغَلّفُهُ قُمُصُ الْعِرْقِ
يا مَعْشَرَ كُلِّ شِقاقٍ يَكْفِيكُمْ هَرَجا
لَمْ أَسْمَعْ يَوماً شَعْباً جُيّشَ لِلْمَوتِ
أَو جَيشاً يَضْفِرُ حَبْلاً يَشْنُقُ سُنْبُلَهُ
مَنْ يَسْأَلُ جُنْدِيّاً كَيفَ الْبارُودُ يَحِنُّ إلى النّارِ!
مَنْ يَسْأَلُ كِيسَ الرّمْلِ عَنِ الأَنفاسِ إِذا هَلَعَتْ!
مَنْ يَسْمَعُ نَبْضَ فِراخٍ تَنْظُرُ لِلسّكيِن ِإذا وَمَضَتْ!
اَسْتَحْلِفُكُمْ بِاللهِ لِماذا يُنْزَعُ جِذْرٌ يَصْبُو لِلْمَطَرِ؟
هَلْ تَنْتَظِرونَ بَواقِيَ شَأْفَتِهِمْ تَتَبَرَّجُ لِلْخَنْقِ؟
أَرَأَيتُمْ دَمْعَ الْحُرّةِ حِينَ تَلُوذُ لِمَنْ يَشْرِي!
وَتَهِيمُ على نَعْقِ التّغْرِيبِ وَأَطْيافِ الْفِتَنِ
فَذَرُوها تَغْزِلُ حُلْمَ الْوَرْدِ بِأَورِدَةِ الْفَجْرِ
شعر/ صقر أبوعيدة