أ . د حاتم الربيعي
بمجرد أن تقدم نفسك بأنك عراقي حتى يقول لك الصينيون بأننا أشقاء لأقدم حضارتين عرفتهما الإنسانية هما :حضارة وادي الرافدين وحضارة الصين.
وتثمينا للعلاقات الثقافية التي تربط البلدين ووسط أفراح الشعب الصيني بعيده الوطني الستيني الذي لايزال يحتفل به منذ الأول من أكتوبر. ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها العراق التي يبدو بأنه يبني بيد ويقاتل بالأخرى، أبدى العراق رغبته بالمساهمة بهذه المناسبة الوطنية من خلال إرسال وفد رسمي مع الفرقة القومية للفنون الشعبية العراقية للمشاركة في هذه الأعراس الصينية.
السمعة الحسنة كانت أول مستقبلي الوفد عند وصوله الى مطار بكين الذي كان برئاسة الأستاذ فوزي عزيز الأتروشي وكيل وزارة الثقافة العراقية مع أعضاء الفرقة القومية ظهر يوم 25/10/2009. وكان بإستقبالهم بعض المسؤولين الصينين وأعضاء السفارة العراقية والسيد رحمن لوعان محسن القائم بالأعمال العراقي وكاتب السطور بصفته المستشار الثقافي في سفارة جمهورية العراق في بكين. وقد إندهش جميع أعضاء الوفد ممالاحظوه من تطور وعمران في بكين حتى صرحوا بأن الإعلام وخاصة الغربي يخدع في كثير من الأحيان ولايظهر الواقع الحقيقي لكثير من الدول، وهذه الحالة لم نستغربها لأننا سمعناها من كافة الوفود التي زارت الصين.
وقد استغل السيد وكيل الوزارة هذه الفرصة لتشكيل وفد عراقي برئاسته وعضوية القائم بالأعمال العراقي والمستشار الثقافي من أجل الإجتماع والإلتقاء بوكيل وزارة الثقافة الصينية وبعض المسؤولين خلال فترة الزيارة التي تمتد لمدة خمسة أيام لمناقشة البرنامج التنفيذي للعلاقات الثقافية بين جمهورية العراق وجمهورية الصين الشعبية، الذي يشمل نشاطات لعدة وزارات مثل التعليم العالي والتربية والثقافة والرياضة والشباب. وقد تفهم المسؤولون الصينيون للأفكار والمقترحات التي طرحت من قبل الوفد العراقي، والحماس الذي تحدث به السيد وكيل وزارة الثقافة العراقي من أجل توثيق العلاقات الثقافية بين البلدين اذ أدعى رئيس اللجنة الوطنية العراقية المشكلة لدراسة البرنامج التنفيذي للعلاقات الثقافية بين البلدين ، وأبدوا النية بدراستها من أجل الإسراع بتوقيع الإتفاقية الثقافية التي تمتد لأربعة سنوات من 2010-2013، بعد أن كانت أول إتفاقية ثقافية وقعت بين البلدين في 4/4/1959 و آخر أتفافية تم التوقيع عليها في 14/5/2001. إذ بدأت الإتصالات الرسمية بين البلدين بعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز من خلال إقامة العلاقات الدبلوماسية في 25/8/1958 لتمتين الجوانب السياسية والثقافية والإقتصادية.
ورغبة من الفرقة القومية للفنون الشعبية بعرض التراث الشعبي والتأريخي العراقي، أحيت حفلتين في مدينتي بكين مساء يوم 26/10 وتيانجين مساء يوم 28/10. وقد فوجئ الحضور من الصينيين ودبلوماسيّ بعثات مختلف دول العالم بإبداعات الفرقة القومية من خلال ماقدمته من عروض فنية مستوحاة من التراث الشعبي العراقي بكافة ألوانه مرورا بالجبل والمدن والصحراء والريف والأهوار العراقية. جعلت من الصينيين يخططون لإستضافة هذه الفرقة في مناسباتهم الوطنية القادمة، وإن الكثير منهم لم يحضر أو يتذكر عروضها الرائعة في بكين في الثمانينات من القرن الماضي عندما كانت هذه الفرقة في أوج تألقها.
تأسست الفرقة القومية للفنون الشعبية عام 1971 بهدف نشر وتعميق الفنون الشعبية العراقية وتوفير المتعة بأسلوب رفيع وهادف في داخل القطر وخارجه، وشاركت في تقديم عروض فنية والمساهمة في مهرجانات في عدد من الدول العربية والأجنية في أكثر من 60 بلدا، كما قدمت عرضا فنيا كبيرا في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك عام 1980 ومنظمة اليونسكو في باريس عن الصداقة والسلام، حتى حازت على جوائز عالمية من أهمها الجائزة الأولى في العالم في مهرجان اكريجنتوا في ايطاليا.
أن أسباب نجاح ودخول الفرقة في العالمية يعود الى أسس بنائها العلمية لتقديم التراث الشعبي عبر منهاج عمل يقوم على أساس الموازنة مابين الموروث الشعبي من حكايات وألعاب والملامح التأريخية للعراق، وبين التراث العربي وخاصة قصص البطولة والفروسية والتقاليد العربية القديمة من خلال عرض حركات جذابة يتم تأديتها على خشبة المسرح بدقة ورشاقة بمصاحبة العناصر الفنية الأخرى كالموسيقى والأهازيج الشعبية التي ظهرت في مدن وقرى وأرياف العراق.
* مستشار ثقافي في الملحقية الثقافية/سفارة جمهورية العراق في بكين
RASHA FADHIL
writer and journalist