عَفْواً أُمّي
أَرَأَيتِ سَنابِلَ شِعْرِي إِذْ يَبِسَتْ لَصِقَتْ أَنْكالاً في حَلْقِي
فَنَسِيمُ الدّنْيَا كُنْتُ أَرَاهُ سَحَاباً بَينَ يَدَيكِ يَسِيلُ عَلى الطّرُقِ
وَدَقُ الْخِلاّن ِيَضُوعُ عَلى الشّفَتَينِ بِسُكّرِهِ
وَالْحُبُّ يَمِيسُ عَلى الشّطْآنِ يُغَازِلُ بَوحَ مَشَاعِرِهِ
أَمّاهُ بِلا عَينَيكِ أَتُوهُ عَلى أَنْفِي وَبِلا حَدَقِ
عَثَراتِي تَطْفُو فَوقَ الدّرْبِ فَأَخْجَلُ مِنْ زَلَقِي
عَفْواً أُمّي
أَتَقُولِينَ الأَنْبَاءُ تَحُطُّ عَلى أَغْصَانِكِ مُوجِعَةً
وَالنّخْوَةُ في نَخْلِي انْتَكَسَتْ ما عادَتْ مُشْرَعَةً
وَرَقَاتُ الأَعْشَابِ انْتَفَضَتْ في حِضْنِكِ مُفْزَعَةً
مَنْ يَرْصُفُ دَرْباً تَخْبُو فيهِ نُجُومُكِ تَسْقُطُ مُفْجَعَةً
في جُبِّ اللّيلِ وَلا تَدْري لَونَ الْعَثَراتِ مِنَ الْغَسَقِ
عَفْواً أُمّي
لَمْ أَدْرِ بِأَنّ الصّمْتَ يُوارِي شَمْساً..
كَانَتْ تَسْكُبُ فَرْحَتَها فَوقَ الأَيّامِ وَلا تُلْقِي
بَالاً لِمَنِ اسْتَسْقَى خَمْرَ الْحِقْدِ الْمَسْكُوبِ على الْوَطَنِ الْمُسْتَلْقِي..
فَوقَ الذّهْلِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنّ الأَهْوالَ تَدُورُ على الأُفُقِ
عَفْواً أُمّي
مَنْ يَسْتُرُ عَورَتَنَا وَالْبَيتُ تَذُوبُ حَوارِيهِ
والشّعْبُ يُقاسِي حُرْقَتَهُ إِذْ تُسْلَبُ مِنْهُ ذَرارِيهِ
مَنْ يَأْخُذُ عَنّي خُرْجَ القَهْرِ إِذا رَقَصَ الأَنْذالُ على خُبْزِي
وَيُسَاوِمُ ثَغْراً يَلْهَثُ يَحْلُمُ يَلْعَقُ هَمّاً يُغْصَبُ كَيفَ يُجَارِيهِ
وَالضّادُ يُقادُ إلى التّجْفِيفِ بِحَبْلِ نَوَايَا تُرْدِيهِ
وَقَصِيدُ اللّقْمَةِ يَهْوِي فَوقَ رُخَامِ الْحُكْمِ وَيَغْويهِ
وَالطّفْلُ بِنَشْوَتِهِ يَجْرِي خَلْفَ الأَعْلاجِ على جَسَدِ الشّرْقِ
عَفْواً أُمّي
دَقّاتُ فُؤَادِكِ تُدْفِئُ نَبْضِي عِنْدَ تَوالِي أَنّاتِ الْجُرْحِ
وَأُناجِي طَيفَكِ يَشْحَذُ قُنْبُلَةَ تَتْلُو سُوَرَ الْغَضَبِ
بَينَ الْغَلَيانِ وَبينَ شُجُونٍ تُنْثَرُ فَوقَ تَراتِيلِ الفَرَحِ
وَتَرَينَ الأَخْبَارَ انْدَسّتْ تَحْتَ الأَهْواءِ..
وَتَنفِرُ مِنْ نَغَمِ الْعِتْقِ
عَفْواً أُمّي
فَرَحِيلُكِ عَلّمَني قَتَرَ الدّنْيَا وَسُجُونَ زَخَارِفِها
إِنْ لَمْ يَكُ ضَوءٌ يَصْرِفُ قَلْبي عَنْ دَرْبِ التّيهِ
فَأَعُودُ إِلَيكِ يَبِينُ لِيَ الشَّرَكُ الْمَخْفِيُّ بِأَثْوابِ الأْلَقِ
أَطْوِي النّفَسَ الْمَكْتُومَ عَلى صَدْرِي وَأُمَنّيهِ
وَأَلُوذُ بِدَعْوَةِ أُمّ أُلْقِيهَا فَوقَ الْفَزَع ِالْمَرْصُوصِ عَلى عُنُقِي
عَفْواً أُمّي
أَرَأَيتِ جُنونيَ بَينَ الْخُبزِ وعُمْري، يُلْقي القَيدَ لِبَوحِي بَينَ الدّرْبِ وَقَهْرِي، يَوري الجمْرَ لِعِرْضي، يُخْفي الذّئْبَ بِقَلْبي حينَ الْجَهرِ لصَحْبي، يَنفُخُ حَرْفاً يَعْوي بَينَ الْجَبرِ وَكَسْري، بَينَ النّقْضِ وَداري، بَينَ الْقَومِ وَهَجْري، بَينَ الشِّعرِ وَدَمْعَةِ أُمٍّ تََغْسِلُ خَدَّ بِلادِي حينَ يَتُوهُ ضَميري بَينَ الشّمْسِ وَسَجّاني
أَرَأَيتُمْ كَيفَ يُجَنُّ قَصيِدي يُخْرِجُني عَنْ أَلْسِنَةِ الخلْقِ
عَفْواً أُمّي
أَسْمَيتُ جُنُونِي شِعْراً أُرْضِعُهُ غَضَباً وَأُوَارِيهِ
وَسَأمْلَؤهُ بَارُوداً عِندَ حُدُودِ كَرامَتِنا وَأُغَنّيهِ
فَسَفِيهُ الأُمّةِ يَنْسَى هُدْبَ الأُمِّ وَيَعْلَمُ أَينَ جَوَارِيهِ
وَتَرَى اللّحْنَ الْوَطِنِيَّ علَى شَفَتَيهِ وَخَلْفَ الظَّهْرِ يَبِيعُ ضَوَاحِيهِ
عَفْواً أُمّي
فَأَرِينِي ثَورَةَ أُمّ تَفْتُقُ رَحْمَ اللّيلِ عَنِ الْفَجْرِ
وَتُمِيطُ الأَدْرَان الْمَدْسُوسَةَ في صَوتِ الطّيرِ
أَتَوَضّأُ بِالْبَرَكاتِ وَعَينا الْحُبِّ تَقُولانِ اقْطِفْ مِنْ مَتْنِ الأَوْرَادِ مَعانِيها
وَامْسِكْ خَصْرَ الأَيّامِ وَعُدَّ ثَوَانِيها
يَا نَهْرَ عَرُوبَتِنا هَلْ أَمْلأُ مِنْكَ أَبَارِيقِي؟
فَعَصَرْتُ لَك الأَجْفَانَ عَسَى أَنْ تَسْكُبَ في رِيقِي
عَفْواً أُمّي
مَنْ أََبْكَى الْوَرْدَ قُبَيلَ نَدَى الإصْباحِ، فَهَلْ يُنْسَى؟
فَرَبيِعُ شُعُوبِكِ بَينَ عَواصِفَ تَذْرُوها الْفَوضَى
تَاللهِ لَقَدْ أَشْفَقْتُ عَلى عَينَيكِ مِنَ العَدْوَى
فُخُذِي مِنْ عَظْمِ الأُمّةِ جِسْراً وِأْتَلِقِي
عَفْواً أُمّي
َأنْفاسُ الصّبْحِ بِأَحْلامِي تَتَعَثّرُ في بَلَدِي
فَرَسَمْتُ مَوَاجِعَ شَعْبِكِ في التَقْوِيمِ وَفي كَبِدِي
وَرَأَيتُ عَلى عِطْفَيكِ سِراجاً يُشْعِلُ أَشْعَاري
قَلَمِي لَمْ يُوْرَدْ بِئْرَ نِفاقٍ يَرْجُو الْوُدَّ وَلَمْ يُرِدِ
وَالشّعْبُ يَجِيشُ بَكَلْكَلِهِ يَتَنَفّسُ مِنْ لَهَبِ الْجارِ
وَالْحَرْفُ لَجُوجٌ بَينَ شَرايينِي يَتَوَقّدُ في جَسَدِي
عَفْواً أُمّي
مَنْ يَسْأَلُ ثَورَةَ فَجْرٍ تَهْطِلُ بِالْوَدْقِ