
أنت تفتح قلبك، أيها الصديق الغارق في النوم،
وأنا أُطبقُ مقلتيّ وأعيش الصحو
مَن مِنا يرشف نبعَ الصدق
أخطبُ في الموتى، وأنتَ تنادي في الأحياء
*****
زهرة على قبركَ أيها الصديق الذي لا يريد البعد
وشوكة في قدمي أنا الذي أريد الهربْ
هل أجرؤ أن أسملَ عيني؟
لماذا أريد النجوم،
وتحت أقدامي الحصى؟
*****
أيها الصديق انقطعت رسائلك
وأنا أُمّيٌّ لا أجد من يكتبُ لي حرفا
فأحاول أن أرسم فوق الرمل قلبا
لكن الموجة والريح وأقدام الأحياء
مسحتْ قلبي
هل أشعلتَ المصباح في ظلمة قبرك،
وأنا أطفأتُ الشمس عن هذي الأرض؟
*****
يا من يأكلكَ الدود سلاما
يأكلني هذا الخوف من الآتي المجهول
عذابات ما بعد الساعة الواحدة
رجفة بين دمعِك والرؤيا
وبين الضباب وخيط الضياء
وساحرة تركب الريح والنجم
عندما يضيق بِك الليل
فلا تتنفس!
فهذا الصداع الغريب يكاد يصكّ على صدغِك الأيمن
كل الهموم!
تعاليتَ، فلتهبط الآن دوداً على سبخة
طينها الملح
يأكل روحكَ، يشرب دمعك؟!
وأين لكَ اليوم حق البكاء!
أنسيتَ الطاووس
لم تبقَ في ظهره ريشة ليزهو
كما كان!
(فيا رحمتا للغريب في البلد النا
ئي، ماذا بنفسه صنعا)*
****
لوحة من دم القلب، أفي الحبر لون الدماء؟!
تدنيتَ حتى انتهيت إلى قبرك حياً
ونمتَ وحيداً
وهذا الصداع الغريب يأكل من صدغِك الأيمن
ويمتد حتى وراء الكتف
أللميت حق الصراخ
وحق الألم؟
وقفة عند بابِك منتصف الليل؟!
أعرافة تقرأ الليل والنجم والحظ
وتعطيكَ من جسمها ما تشاء!
أذئبة ليل تصكّ بأسنانها
وتطرق بابك؟!
أهي الريح تحمل أخبار موتاك؟!
لماذا يطول انتظارهم في الكفن؟
تباطأتَ، تبغي النجوم
نسيتَ التراب وحلّقتَ
لكن لمن؟
إلمسِ الجلد، تضج عروقكَ حمى
وفي الضلع صوت!
ألا أيها الأبله المتهم
ألمّا يجدك الألم
يتيماً فآوى**
وساقاكَ كأس الندم
فهلاّ ارتويت!
* تضمين بتصرف لبيت الشاعر علي بن الجهم (توفي 863).
** إشارة إلى الآية 6 من سورة الضحى.