بين فترة واخرى تطالعنا تقارير صحفية تعتمدها منظمات الشفافية في العالم تُبصّرنا على مؤشرات معينة لقياس درجة رقيّ وتقدّم الدول والأنظمة السياسية غربا وشرقا استنادا الى الإحصائيات والاستطلاعات الصحفية الميدانية سواء كانت العشوائية او المنتخبة لمعرفة مستوى الرفاهية المعيشية والاستقرار النفسي والاجتماعي ودرجة القلق التي يعاني منها المواطن بشأن مدخولاته والحالة الأمنية والصحية والمعيشية في بلاده ومدى حجم الحرية التي يتمتع بها وكل ما من شأنه ان يشير الى حالات التطور والرخاء وبحبوحة العيش والسكينة والمستوى الصحي والضمان الاجتماعي وقلة نسبة البطالة وتحسين مستوى دخل الفرد وما يقابل ذلك ايضا من ضنك العيش والحياة العسيرة والقلق والخوف في بعض الدول المتخلفة الخانقة للحرية والتي لا يعنيها أسلوب عيش المواطن من اية ناحية مما ذكرناه .
ومن اهم المؤشرات التي تعتمدها تلك المنظمات أوجزها كالتالي :
1) الناتج الإجمالي لدخل الفرد الشهري او السنوي .
2) الحالة السايكولوجية ومبعث وأسباب القلق داخل نفس المواطن ورؤاه التفاؤلية او التشاؤمية .
3) معدل السنوات التي يعيشها الفرد مما يسمى متوسط عمر الإنسان ومعرفة نسبة الوفيات .
4) مدى حجم الحرية الشخصية التي يحظى بها الفرد عند اتخاذ قرار ما .
5) كيفية عمل الضمان الاجتماعي والتأمين على المواطن في حالة العجز والتقاعد عندما يكبر .
6) معرفة الصحة العامة للمواطنين ومدى حصولهم على التأمين الصحي في مختلف مراحل العمر ومبالغ العلاج سواء كانت مجانية او قليلة الكلفة .
7) معدل انتشار الفساد والمحسوبية والاعتبارات الحزبية والعقائدية بين أفراد المجتمع الواحد .
8) كيفية معالجة حالات الفساد وطرق التخلص منه واستئصاله من قبل الدوائر المعنية في الدولة كالرقابة المالية ومؤسسات النزاهة .
9) ظروف العمل وعدد ساعاته اليومية ومعدل الإجازات المتاحة للعاملين الأسبوعية منها والسنوية .
10) مديات التوازن بين الحياة الاجتماعية وبين الحياة العملية .
11) إمكانية وجود فرص عمل متاحة وفقا للاختصاص بدون اعتبارات المحاباة او المعاداة والرشى والتسلق بلا كفاءة والحيازة غير المشروعة للحظوة .
12) مدى استقلالية الإنسان في عمله دون تدخل أطراف خارجية في شأنه الخاص سواء كانت حكومية او من أطراف وجهات أخرى متحزّبة .
13) مقدار الهدأة والسكينة وراحة البال وفقا للظروف الأمنية التي يعيشها الفرد في مجتمع ما .
وهناك مؤشرات أخرى اقلّ أهمية مما ذكر أعلاه ؛ اذكر منها مدى حميمية العلاقات الاجتماعية بين الناس في العمل وبين الجيران ضمن الوحدات السكنية المشتركة ومدى قوة الأواصر والحميمية بين الأقارب أو بين الأباعد ، وحتى النظر إلى سحنات الوجوه المتطلعة في الشارع والسوق ومستوى التجهّم والاستبشار في ملامحها عند التجوال في الأماكن المكتظة ففيها الكثير من الدلالات على معرفة مستويات السعادة بين الملأ .
من خلال التبصّر بالمعايير اعلاه ؛ لايخفى ان عراقنا الآن وفي ظرفه الحالي يفتقد الكثير مما نطمح ، لكننا على يقين اننا سنتجاوز العقبات والمطبّات حالما تترسخ الديمقراطية الحقيقية لا الزائفة والمضحكة اليوم وتتجلى المدنية ولو بعد لأيٍّ قد يطول أمَـدُه لكنه حتما سيظلل أجيالنا المقبلة ويهنأ أولادنا وأحفادنا في نعيمه مستقبلا ، وذاك لعمري مبعث فرحنا حتى ولو أصابنا الحزن في هذه الحقبة ، فدوام الحال من المحال ومن ساءه زمنٌ سوف تسرّه أزمان أبهى وأرقى ، فهذا ديدن الحياة ومن سمات النظم وطبيعتها ان تتداول من مرحلة الى اخرى ولهذا سميت الدولة بهذا الاسم لسرعة تغيراتها وربما بعثها من جديد لتخرج إلينا بأبهى حُلّةً وأنضر عوداً .
لابأس بأن نزرع شجرة جوزٍ آنياً لتثمر بعد بضعة عقود ، هكذا علّمتنا الحياة .
جواد غلوم
jawadghalom@yahoo.com