أُوسعُ خطاي هرباً منكم
أرتدي ابتساماتٍ تؤنسُ جسدي بنعومتها
أغلقُ سرادقَ الحزنِ النابتةِ في أعماقي
أصدرُ طبعة ًجديدةً للقُبَلِ
أكتبُ افتتاحيتَها بقلمي
في حُلّةٍ جديدةٍ لم تروْنها من قبل
تحوطها بصماتٌ مزيّنةٌ بأحمر الشفاه
كرسائلِ العشّاقِ المتيّمين
هناك في مكانٍ ساحرٍ اعيش
مكانٍ ناءٍ عن خرائبِكم
أدعَى لحلقاتِ الرقصِ الجميلة
أدخلُ باحة َالموسيقى الصاخبةِ والناعمة
أجنُّ بسماعها
أخدرُ على إيقاعِها
بعيدا عن اسواقِ عكاظ
ومرابطِ خيولِكم الكسيحةِ في المربد
والمؤتمراتِ التي تبلّ سراويلَنا بالضجر
والأطعمةِ الفاسدةِ التي تتخمُ البطون
وتعمي القلوبَ النضِرة
بعيدا عن رسالةِ العصيان
والكوميديا الالهية والبشرية
سأنسلُّ خلسةً
أزوغُ عنكم جانباً
أتخَفّى
وأتبوّلُ على جدرانِ صروحِكم الهشّة
انا الان في كوميديا غيرِ ماألفْتم
لاتدرون سرَّها مهما استعنْتم بمُخبريكم
السِّرّيين منهم والعلَنيين
ادوسُ على عشبِها الذهبيّ
واقطفُ اغانيَ لم اسمعْ سحرَها
بين صالوناتِكم ومقاصفِكم
وسط دنياكم الملأى بالأسقامِ والمكائد
والدوارُ الذي اصابني معكم
قد شفيتُ منه الان
لأن صفحاتِ الوفيات
قد احتجبتْ عن الصدور
ورائحةَ الموتِ التي تزكمُ الانوف
وضعتْ اوزارَها وانصرفت
وشرائطَ الموتى السود
المعلّقةَ أعلى الرفوف
مزّقتها النسائمُ العليلة
ولم تعد تصدمُنا في الصحف اليومية
حتى مجلّداتُ الحرامِ والحلال
والكتبُ الصفرُ احترقتْ في مداخنَ حارقة
وذُرّ رمادُها في عيونِكم الوقحة
أنتم يا سارقي البهجة
وتجّارَ الكذبِ الرخيص
صممتُ أُذُنيَّ عن عويلِكم
فالمآذنُ التي نصبّت نفسَها
الناطقَ الرسميَّ للسماء
أخرستْ أفواهَها
وبُحّ صوتُها
انا الان صافي السريرة
ولم اعد أقرأ عواقبَ الآثام
ومعلّقاتِ التهديدِ والوعيد
انما تعلّقتُ بصفحاتِ الولادات
بشرائطِها الوردية
سأدعَى لاحقا لحفلةٍ تنكّرية
تقام بصحبة الشعرِ ورقصاتِ الباليه
يرددُ كلماتِها جسدٌ تشتهيه الملائكة
وتبزّهُ الشياطينُ أمثالُكم
بعْداً عنِّي ، قد لاأراكم لاحقا
بسحنتِكم الخشِنة الشبيهةِ بالسحالي
وقَفزاتِكم التي تنطُّ كالغربان
وأقنعتَكم المشتراة َمن أسواقِ مُقَـلِّدي
الماركاتِ الرصينةِ الثريّة
فأنتم زبائنُ مفارشِ الأرصفةِ الرخيصة
لاأقربُ عتبَتكم وأعتلي مدارجَكم
أرأبُ أنْ أمدَّ يدي لموائدِكم
مهما طاب مذاقُها وفاحت عافيتُها
آنفُ أنْ أشربَ أو أرِدَ حوضَكم
حتى لو كان سلْسلاً عذْباً رائقاً
أسملُ عينيَّ إذا هفتْ لمرآكم
أحرقُ ورودي إذا حُزِمت بأيديكم
أطبقُ جفنيَّ إذا لمحتْ وجوهَكم
أخنقُ صوتي حين يلهجُ بذِكركم
أمزّقُ صدري إنْ ضمّكم بين جانحيه
أقطعُ ذيلي الأمامي
إذا اشتهى نساءَكم
دعوني أحزمْ حقائبي
لأحملَ عبأَها وحدي
فقد ضاقتْ بي جحورُكم الخانقة
وبُلِيَتْ في يديَّ قيودُكم الضيّقة
تعالَي أيتها الريحُ الصرصر
افرشي صهوتَكِ لجليسك المغادر
انثري سنواتِ العمر العجاف
لتلحقَ بأوراق الروزنامات المتطايرة
لم يبقَ من الحياةِ
إلاّ هزيعُها الأخير
خذي ركامَ الذكريات
مريرَها وحلْوَها
بعْثريها للراحلين والغادين
في الموانئ ، في المطارات
في أرصفة القاطرات ، في أقبية المترو
في محطّات الطرقِ البريّة
في مسالك المهاجرين غير الشرعيين
في معتقلاتِ طالبي اللجوء
في مقاهي الأكتاف المبلّلة
حيث الزنوجُ والهاربون من الجحيم
يطأون المراكبَ المتهالكة
ليس عليَّ ان أُودِّعَكم بأثقالي
لاوقتَ لديَّ لطرحِها أرضاً
أريد ان أبزَّكم من ذاكرتي
أمْحوَكم من وثائقي الرسمية
أشطبُ نسلي ومحتدي ومسقطَ رأسي
لأن هامتي تعلو في غيرِ وديانِكم الهابطة
جواد كاظم غلوم
jawadghalom@yahoo.com