حوار مع رفيقتي الشيخوخة

2020-08-25

أتدرين أيتها الشيخوخة كيف كنتُ صلدا

تغار مني الجبال ؟ !

شافياً مطبباً تحسدني أضرحة الحنّاء  

 يوم أينعتْ فتوتي؛  نضحتْ دماً دافقاً

كم كان مذاق روائها عذباً رائقا

صافيا مثل ثلج الهملايا

أحلام صباي رهنتُها لذاكرتي

في خزانة عقلي

محال ان أضيّع مفتاحها ولو صدأ

اعتدتُ أن أصقله بدموعي المالحة

يا لهذه الحياة برمالِها المتحركة

كم تصحّرتْ فيّ قحلاً يابساً

وكم انفجرت ينابيع روّتْـني بعذوبتها

يا للسنوات التي أومأتْ لي مودّعةُ

بأيامها العجاف ولحظاتِها الشغاف

صهرتني بمرجلها الحارق

كما أدفأتني بنارها الحانية في زمهرير شتائي

كم من الشعر أتلفتُ، طيّرتُ أوراقه في السطوح

لتلقاه غانيتي وتجهش بالبكاء مراراً

لترى حزني، بعدها  تضحك فرحاً لماماً

أيتها الملذّات الضائعة في شتات الأزمان الرثّة 

تعالي برهةً لنشتم بعضنا بعضاً

نتبادل العراك الجميل

قبل نفاد العمر الأخرق

أعيدي لي لحظاتي وارتجاف جسدي

منذ أول قُبلة طبعتها على شفاه حبيبتي

أعيدي هلعي يوم غادرتـِني

قلتِ وداعا لا لقاء بعده

سحقتِ غطرستي ببكائك

واستحالتْ عنجهيتي خرقةً جوربٍ بالية

أيتها المسرّات العسلية

لِمَ أخلفتِ وعدك بأن تبقين معي آخر العمر ؟

أقسمتِ أنك تصلبين عودي وتثقلين جيبي مالاً

لكنكِ جرجرتِ أصدقائي معك وتركوني نسياً منسيا

دفنتِ رفيقة حياتي قبراً

كسرتِ عكازي في مطبّات الطريق

لويتِ قدَميَّ القويتين في العثرات الجسام

انتزعتِ نسلي من شغاف قلبي

ما الذي أفعله بقصائدي المبثوثة هنا وهناك

في أرجاء غرفتي الشعثاء الشِّعر  

بأوراقها الصفر المدماة بالأنين والفوضى

بحروفها الباكية والضاحكة معاً

أهي ثرائي البخس في أسواق الجاهلين ؟؟

لم تعد سوى شروى نقيرٍ

لا تساوي عظمةً جرداء

هجرَها كلبٌ جائع

كم كان رهاني خاسرا

وأنا أعتلي  صهوة جوادٍ كسيحٍ

هو سَميِي في ارتخاء العضل ووهن العزم

في مضمار الأوحال والنقيع الآسن

ابقَ نديم شيخوختك

مؤنستك في ضرّاء الشعر

واخزتك في سرّاء  الفتوة

حتى يحين الحين

 

 

 

 

 

 

جواد غلوم

خريج كلية الآداب/جامعة بغداد / قسم اللغة العربية لعام 1974-1975. عمل في التدريس بعد التخرج لغاية العام/1990 وفي الصحافة وهو طالب في الجامعة ونشرت في معظم الصحف والمجلات وقتذاك. سافر إلى خارج العراق بسبب الاضطهاد وظروف الحصار وعمل خلالها أستاذا في الأدب العربي/ ليبيا. عاد للعراق سنة/2004 وينشر في العديد من الصحف الورقية والالكترونية. ولديه اربع مجموعات شعرية مطبوعة وكتابان بعنوان / مذكرات مثقف عراقي أوان الحصار، و قطاف من شجرتَي الادب والفن وهي مقالات في النقد الادبي .

jawadghalom@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved