الحريرُ والتراب

2012-02-07
أتغرِّدُ أيها الوطنُ الوقِح ؟؟
أتغرّدُ في الأعالي صادحا ؟؟
فرِحا ، جذلا
تَشفَّ بي ملِيَّا
ولْتهنأ أسارير قلبك
لقد نلْتَ مني
جعلْتني أؤمُّ التكايا
أنصتُ لدعاء المحزونين
أرتعدُ مع الخائفين
أفزُّ وجِلاً في الأسحار
لأقرأُ ما تيسّرَ من الأذكار
أراها تتسربُ في كياني كالهزال
أفرشُ قلبي للتراتيل
لأدعية النوم...والخوف
أدعوها لتكونَ ضجيعتي
في مهجعي ، في صحوتي
جعلْتني أيها الوجعُ المرُّ أتوسل بالكلمات
أن تأتي إلى حضني الوثير
بعد أن كانت تطاردُني
لأطارحَها الحنين
أمسّدُ لها شَعرَها الذهبي
أربت ُعلى كتفيها
علّها تزاملني كظلِّي
تؤنسني في وحدتي
توقظني من إغفاءتي
تناولني دواتي
تجمعُ أوراقي المبثوثة
تطيرُ بي كفراشةٍ جانحة
من ميسم زهرة ٍ
إلى معينِ ماء
أنهلُ من رحيقها
حتى أشرقَ بعذوبتها
لاتتركيني وحدي أيتها القصيدة
ألستِ المسماة بالعصماء؟
تعصميني من الفزع الساكن فيَّ
دعيني أتدثرْ بالسكينة
أتوسّد أوجاعي
فأنا أخشى الظلماء
أخافُ الليلَ وزائري الفجر
ترهبني وقْعُ خطوات الجنجويد
تدخلُ بيتي
تعبثُ بأشيائي النفيسة
تسرقُ مدّخراتي
تهزأُ من ضعفي (1)
أستحلفُك بالسماء
أيتها المفردةُ الجانحة
تعالَي نرممْ شتاتنا
لاتكوني نزِقة ،متمردة
وأنت أيها الخيالُ الكاسر المجنح
هدئ من روعك
وكن وديعا طيِّعا
احضرْ لي صُوَرَ فتوتي
أسمعني صوت خطاي السالفة الهادرة
أعدْ لي بَصَري الحادّ
افتحْ لي نافذتي
لأرى وجهَ حبيبتي الغائب
مع طلعة الصباح
أيتها الوحشةُ
ما لكِ تدسّين أنفكِ
في جسدِ كلماتي !!
كلما أمسكتُ قلمي
وعاودني صحوي
لملمي بقايا فَزَعي وارتجافي
لملمي السجادة الحمراء من مسيري
لاأطيقُ الوقوف زهواً
شُلّتْ قدماي
سحقاً لكِ أيتها الغربة
تباً لكَ أيها الوطنُ الوغد
لِمَ تركتَني أستجدي العابرين
أمسكُ بتلابيبِ السابلة
أذِلُّ شيخوختي أيّما إذلال
غدوتُ الآن مفترشا التراب
بعد أن كان ملمسي وكسائي
طيلسان الحرير(2)

جواد كاظم غلوم/بغداد
كتبت في 29 /1/2004

1. في يـناير/2004 كنـتُ توا حططتُ الرحالَ في بيتي ببـغداد بعـد غربـةٍ طويلة بحلْوها ومرّها. لم يمــضِ سوى يومــين في مستقري حتى داهمتني إحدى الميلشيات المسلّحة وقامت بالسطو المسلّح على داري وسلبت كلّ نفائسي ومدخراتي. على إثر هذا الحادث، كتبت هذه القصيدة ولم أنشرها إلى هذا الحين.
2. إشارة لبيت المتنبي :
وصبّحهمْ وبسطهمُ حريرٌ ومسّاهمْ وبسطهمُ ترابُ

جواد غلوم

خريج كلية الآداب/جامعة بغداد / قسم اللغة العربية لعام 1974-1975. عمل في التدريس بعد التخرج لغاية العام/1990 وفي الصحافة وهو طالب في الجامعة ونشرت في معظم الصحف والمجلات وقتذاك. سافر إلى خارج العراق بسبب الاضطهاد وظروف الحصار وعمل خلالها أستاذا في الأدب العربي/ ليبيا. عاد للعراق سنة/2004 وينشر في العديد من الصحف الورقية والالكترونية. ولديه اربع مجموعات شعرية مطبوعة وكتابان بعنوان / مذكرات مثقف عراقي أوان الحصار، و قطاف من شجرتَي الادب والفن وهي مقالات في النقد الادبي .

jawadghalom@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved