أيــهــا الــعمــر قــد غــدونـا كــبــارا
لا نــرى فـــي الحـــيــــاة الاّ مــزارا
أيــهــا العــمر كـم تــحـمّـلتَ وزرا !
كـم طويـت الربى ، سلــكتَ العثارا !
أيــن امـضــي وقــد احيلت بـلادي ؟
لـهَــبا حارقــا ، لــظــىً وانــفــجــارا
عُـــلَّ جسمــي وغامـت العـين جهماً
شُــلّ ســاقــي فــلا أنــوش الــديــارا
لا الضحى بلسمي ولا الشمس دفءٌ
بــتُّ لـــيــلي أســامـــر الاســحــارا
رحــل الـفــرقــدانِ عــني بـــعــيــدا
لا أطــيــق اللحــاق مــن حيث سارا
كــيف أعـلو وفيّ سقــمٌ عـضالٌ ؟ !
صــار مــأواي هــــوّةً وانـــحــدارا
قــيــدنـا ضــيــقٌ عــتيــقٌ عــصِـيٌّ
فــي سـجــونٍ تــعــجّ فـيه الاسارى
هــائــمٌ فـــي الــحيــاةِ فـردا وحيـدا
عــابــرٌ سِـكّـــةَ ، أنــادي قـــطــارا
حــامـــلٌ حــزمة الحقــائــبِ وزرا
قــاصــدٌ في الشـتات ذاك المـطارا
نــازلٌ قــاربـا عــتــيـقــا مخــيـفــا
هــل أقـضــِّي معـيشـتي إبحارا ؟!
في يـدي شـمعة تـضيء طــريقي
زائــرٌ حــضْــرتي ، أحـنِّي جدارا
كم بـكيت الحمى وأشعـلت قـلـبا !
فــتّـتَ الصـدر والضـلوع شرارا
كــــلّ هــــذا كــــي لا أكــــونَ أداةً
لِــطــغــاةٍ ؛ أجــرُّ خــزيــا وعــارا
طــاهــر الــثــوب مــئْـــزرا ورداءً
وســـأبــقــى أصــاحــب الأحــرارا
رفـــقــتـي كــلّ مَـــن عــفّ نـفــسا
ويُـــجــلُّ الـــثــقــاة والأطـــهــــارا
مسكــني جـــنّـة بــها الفــنّ يـزهــو
وصـديــقي الجـمال حضــنـا ودارا
لــم اكــن طائــعــا زرادشـت يوما
فــلــماذا أذيــق جــمرا ونــارا ؟ !
لــم اكــن حاويــا اراقـــص افعـى
حــامــلا فــي مطـيـــتي قــيــثـارا
غيــر انِّـــي احــبّ لحنــا تسامـى
وتــمــشّــى بِــخــافــقـي أنــهــارا
هــو عــذبٌ كــما الــزلال نـميــرٌ
يــملأ الــروح والحِــجــا أشعـارا
هو صـنوي ومـؤنسي وسمـيـري
أيـن ألقى بـذي الحمى سُمّارا ؟ !
رحل الزارعون لــم يـبق عشبٌ
يفرش الجدب والــربى والقفارا
أنـبتَ الايك حنضلا في حـقولي
فـالـبســاتـيــن لا تحـبّ الـثمارا
مــاؤنـا لـم يعـدْ يـرطّب ريـقــا
وبـــقـاعي تـخاصـم الأمـطارا
وصروحي كبت ركوعا وذلاًّ
لِـدنِـيءٍ وقــد تطــيح انـهيـارا
عُلِّــقـت هامةُ الجنــائنِ شنـقـا
وذرى سومرٍ أحيلتْ صحارى
ملــكوا الارض ناهبـيـن ثراها
وجــنان السمـاء اضحت عقارا
ايـن انــتم أفي سباتٍ عميقٍ ؟ !
اين ذاك البريق اين الغيارى ؟
مالكم ساكـتيـن يانسل اهلي ؟ !
هـذه بـابــلٌ تـموت احــتـضارا
كـم صرخنا نهـزّ هيكل عظمٍ !
ويعيد الصدى صراخي مرارا
وكأني أُعـلِّــم الصخـر نـطــقا
وأُهَــجِّي الـحمـار دورا ودارا
سـوف تبـقـون هائـمـين بـحلمٍ
كـسكـارى ولستــمُ بِــسكارى
جواد غلوم
jawadghalom@yahoo.com