مصاريعُ مقفَلةٌ ؟

2018-02-12
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/6ed60fed-b725-443a-a5f4-8599ec97a011.jpeg
" لا أنشد إبداعا بل فضحاً فقد بلغت القلوبُ الحناجرَ "
وطنٌ أجربُ مرميٌّ في صحراء يبابْ
مطلِيٌّ بالقار، وحيدٌ، أبعدهُ الأتراب 
زمرٌ من كُـتَـلٍ وفئاتٍ بائسةٍ سمّوها أحزاب 
تتناوشه حينا أنيابُ ذئاب
تأكل من بقياهُ الرثّة حينا آخر 
 جرذان، أغربةٌ جوعى وكلاب
ويمزّقهُ عن بعدٍ  أو قربٍ قوس النِّـشّاب
ينأى عنه الأهل، أعزّ الأحباب
ويودّعهُ  للمنفى أوفى الأصحاب
يحكمه العاهر والسافل والمأفون الكذّاب
المائعُ والخانع والطائع والنهّاب
تسرقهُ الأوغاد وتمضغهُ الأجناب 
ينتشر القذع، يصول الشتمُ 
يشيع الغمز مع اللمز 
ويباري الهمزُ بأشكالٍ شتى
 في أصناف سبابْ
تنبش عن أملٍ مبتور الذيلِ بقيعان خراب 
لا نبصر غير القهر، الضيم، الحيفَ 
وأكداسَاً من همِّ عذاب 
وحدي ، كهلٌ يشتم شيخوخة عمرٍ
يبكي ميعة صبٍّ سبحت في نهرِ سراب 
غرقتْ – لا ادري -- في ماءٍ أسَنٍ 
أمْ في وعث ترابْ 
لا خفقة قلبٍ ، فورة عشقٍ أو دفق شباب 
لا امرأة تخطو وتجيء اليّ ملوّحة بطريقِ إياب 
الكلّ غيابٌ ووداعٌ أو هجرٌ ودروبُ ذهاب
لا كفٌّ تصبغُ حنّاءً في وجه جدارٍ أو لوحةِ باب  
لا إلْفٌ يفتح صدراً للترحاب 
لا أسئلة يُـفضي منها ايّ جواب 
لا وجهٌ يشرق؛ تلمسهُ 
 او خدٌّ بضٌّ او شفةٌ تتلوّن من عنّاب 
آهٍ ، يا إمامَ الضحك الباكي المرتاب 
زدنا إرهاباً وكباب 
فرْما ، تقطيعا، حزّاً في ساطور القصّاب
إنّا أنزلناهُ في مسلخِ موتٍ محتومٍ 
مابين ضباعٍ وأفاعٍ وذئاب 
هذا يلدغ سمّا وزعافاً في الأعصاب 
آخرُ ينهش لحماً، يكسر عظماً بالناب 
يحرسها الله  يسمى ربّ الأرباب 
عد من حيث أتيت فلا مسرى أو مشوارٌ جذّاب 
لا الباب الشرقيّ ولا عشتار تُرحّبُ بالأصحاب 
مغلقةٌ كل الأبواب
لا باب الدروازة تلقى الأحباب 
لا لقيا، لا خطو إياب 
لاينفع أيّ رجاء أو مسكنةٌ 
فلتسكتْ ولتخرسْ 
يكفي إلحاحاً او هذرَ عتاب
قلنا : مغلقةٌ كلُّ قلوب الاطياب
مفتاحُ رتاج الأبواب 
قد أضحى في أيدي الأغراب
وكثيرا ما تودع عند الأجناب   
لا حقلٌ يحوي فاكهة طيّبة وعناقيداً من أعناب 
لا وردٌ يتسلّقُ زهوا ليباري اللبلاب 
لا لحنٌ تنشدهُ بغدادُ على مغنى زرياب 
لا شِعرٌ يتطاير من صدر امرأةٍ 
تهديهِ لأخرى من ديوان السيّاب (*)
الكلُّ مواتْ
 والبعضُ الحيّ غيّاب 
من ناموا في جحْرِ سباتْ
مَن نسي البيتَ؛ اتخذوا سكَناً عشوائياً بين يباب
عششاً يمرح فيها كلّ خراب
أكوامُ سقامٍ تتراقص وسط طنين ذباب  
منهم من حاز رصيفا 
أطفالٌ هجعوا مثل كلابٍ في المرْآب 
في الفجر يصلي الناس أمام المحراب 
يدعون المولى ان يعطيهم مفتاح التوبة والغفران 
أليسَ الله هو الغافر والمانح والتوّاب
الكاسر والفاتح والخالع كلّ الأبواب 

جواد غلوم
jawadghalom@yahoo.com
--------------------------------------------------------------
*) إشارة لبيتي السياب :  
ياليتني أصبحت ديواني --- أختالُ من صدرٍ الى ثاني
قد بتّ من حسد أقول له --- يا ليت من تهواك تهواني 

جواد غلوم

خريج كلية الآداب/جامعة بغداد / قسم اللغة العربية لعام 1974-1975. عمل في التدريس بعد التخرج لغاية العام/1990 وفي الصحافة وهو طالب في الجامعة ونشرت في معظم الصحف والمجلات وقتذاك. سافر إلى خارج العراق بسبب الاضطهاد وظروف الحصار وعمل خلالها أستاذا في الأدب العربي/ ليبيا. عاد للعراق سنة/2004 وينشر في العديد من الصحف الورقية والالكترونية. ولديه اربع مجموعات شعرية مطبوعة وكتابان بعنوان / مذكرات مثقف عراقي أوان الحصار، و قطاف من شجرتَي الادب والفن وهي مقالات في النقد الادبي .

jawadghalom@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved