في عالم تحكمه المرأة في كل جانب من جوانب الحياة فهي الزعيمة السائدة والقائدة والمسؤولة على كل الممتلكات وهي القول الفصل في مسائل النسَب والوراثة وانتقال الملكية وهي اليد العاملة ومالكة وسائل الانتاج وسيدة البيت والمصنع والمزرعة وراعية الاطفال ؛ وباختصار شديد هي ربّ الاسرة وربة الاسرة معاً
ربما سمعتم عن قبيلة " الموسو " التي تدير نساؤها كل شيء وتحكم كل شيء ولا دور للرجل في كل مايجري سوى الطاعة العمياء لحكم النساء والانصياع لأوامرهنّ ، فالمالك هو المرأة؛ والوريثة هي المرأة فالمال والإرث تنقله الام الى بناتها الوريثات الشرعيات اما الذكور من أبنائها فلا نصيب لهم لا في الممتلكات المنقولة ولا غير المنقولة ، فلا مال في جيب الرجال كي يصرفه على ملذّاته واهوائه حتى ان كلمة " أب " مشطوبة في لغتهم ولاتعني شيئا ذا قيمة واهمية على الاطلاق، فحينما تنجب المرأة يحمل الوليد اسم امه وينتسب اليها فقط، وليس للاب حقّ في حضانة اولاده مهما كانت الظروف فهو مجرد وسيلة لابدّ منها لانجاب الذريّة فقط، اما الزواج عند هؤلاء فلا قيمة له ولايعتبر رباطا مقدّسا .
والجميل في هذا المجتمع انه يتّسم بعدم وجود جرائم السرقة وحوادث الاغتصاب والتحرّش الجنسي ولامعنى لكلمة حروب او سجون فهذه الجرائم مشطوبة تماما في سجلاّتهم فلا مطامع في دواخل نفس هؤلاء رجالا ونساءً ولا منظمات تنادي بحقوق المرأة ومساواتهنّ مع الرجل وزيادة كوتا النساء او حقوق الاطفال ولانزاعات حول حول ملكية عقارٍ ما او قطعة أرض تعود لهذه المرأة او ذاك الرجل ولا قانون للاحوال الشخصية وخصومات المحاكم بشأن حضانة الاطفال ومصاريف النفقة وما الى ذلك مما تعجّ به مجتمعاتنا ومحاكمنا .
فالرجال هناك سعداء جدا عندما سلّموا زمام أمرهم لنسائهم لا لتفوقهنّ الجسدي بل لتقدير عالٍ لخصائص المرأة الانسانية وقواها الروحيّة الاصيلة والعميقة وقدراتها العاطفية التي تفوق كثيرا قدرات الرجل فالقوة ليست في البناء العضلي للرجل وانما بالقوّة الناعمة التي تتحلّى بها المرأة وإيقاع جسدها الذي ينسجم مع ايقاع الطبيعة، فمن عجائب الجسد الانثوي وشفافية روح المرأة انها كانت الوسيط بين عالم الانسان وعالم الالهة منذ عهود الانسان القديم وعلاقته بالمعتقدات التي كان يرتبط بها روحيا .
والمفرح ان رجال قبيلة" الموسو " لاتوجد لديهم اية نوايا للتمرّد اوتغيير قوانين حكم القبيلة وزعامة النساء لمجتمعهم، فهم سعداء بهذا الامر؛ لكني احذّر رجالنا من ان يفكّروا باللجوء الى هناك والانضمام الى صفوف هذه المجموعة البشريّة فالنساء لايقبلْن ايّ دخيل يحلّ بين ظهرانيهنّ او لاجيء يأوي اليهنّ فلديهنّ من الرجال مايكفي لمهمة الانجاب فقط .
وهؤلاء "الموسو" الذين يعيشون على ضفاف بحيرة / لوغو قريبا من حدود مقاطعتي يونان وزيتشوان في الصين لاصلة لهم بقوانين ونظم الدولة الصينيّة التي تحكم المليار ونصف نسمة ولاتربطهم مع الدولة الصينية سوى الانتماء والمواطنة
ويجدر بنا القول ان دولة الصين متفهّمة للقوانين الخاصة بهم وأعربت مرارا عن عدم رغبتها في تغيير نظم ومفاهيم هذه الفئة الصغيرة طالما ان هؤلاء لانيّة لهم للتمرّد او التغيير لا الآن ولا في المستقبل .
جواد غلوم
jawadghalom@yahoo.com