قبل أن تذبل زهرتنا، صعدت إلى السماء

2018-08-02
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/09e862ca-34c4-45ae-9213-a2df323955e7.jpeg
قبل أن تذبل زهرتنا، صعدت إلى السماء
السلام على زهرتنا، في فردوسها البعيد
 
معذرة سيدات الربوة
لا استطيع أن أتلقى  كلمات، اشعر باندفاعات وجدانية، ينتابني إحباط عصي، تنفلت مني كلمات، يتلعثم لساني، أخاف أن اكتب سطرا مجروحا، دون تنميق بديع وأناقة بيان .
 
بصدق أقول لسيدات الربوة إنني لا استطع أن اكتب كلمة عن زهرتنا، الألم ما زال يجرحني وقد عدت هذه المرة إلى بلدي لألتقي بزهرتنا في مقبرة "الرحمة"
زهرتنا أفلت كالشمس، تركت لنا الشغب الجمعي،. تسأل وتجيب مرة واحدة :
-" ما معنى الوطن ؟ اسمنت وحجر" ؟.

زهرتنا لا استطيع ان اكتب كلمات عنها إلا بعد أن يلتئم الجرح، وأنى له ذلك ؟ 

 أفلت زهرتنا بعد أن كانت بالقرب مني قبل وفاتها بشهر، سلمتها كتاب" الانطولوجيا" وقارورة عسل أسود، لم تكن مريضة، بل كانت  ككل النساء، تحكي عن  بعض الأمراض، الغدة الدرقية والحساسية و .. لم اشعر  أنها مريضة . وهج المعرفة  ورحلاتها بين بروكسيل والدار البيضاء تنم عن شباب وصحة، يتجلى ذلك في اللوحات والشعر والقصص والرواية والنقد، و ..

  زهرتنا تحضر، بشموخ وكبر، فوق الربوة .
هالة حب وبهاء، فراشة عطر تتنقل بين سيدات الربوة بسكن خديجة شاكر... 

وعدتني أن نلتقي صيف هذه السنة فوق الربوة، بحزن عميق أشاهد مكانها فارغا، لكن يغمره حب كبير لسيدات الربوة، نساء كثر  يتبركن بمكان سيدة الكرامات وكأنه ليس فارغا، زهرتنا يفوح عبق عطرها،  يجتاح الربوة، خديجة  تسلم عليها وعائشة تقدم لها باقة زهور وبديعة تقبلها أجمل قبلة، ودامية تحضر بعد غيبة طويلة تعلوها كآبة خرساء...
 
لا أستطيع الكتابة لأنني أريد أن أتلقى كلمات روحانية تنزل علي من السماء ساطعة بنور رباني.. لا أستطيع  الكتابة، هرولت وكأني بين الصفا والمروة ابحث عن ماء يخمد ما اندلع في قلبي من مارج من نار، هرولت أبحث عن بعض ما حملته زهرتنا من وكتب وهدايا إلى بيتي، قلبت  رواية
الفردس البعيد... 
 
" حبيي يموت وأنا تنموت
نمشيوا لسوق الذهب 
نشريوا تابوت 
مسمار من فضة
 ومسمار 
من ياقوت
 تعجبات الملائكة اثنين
في تابوت"
 صفحة 89

قلبت  أشياء أخرى حميمية في أركان  بيتي في غرفتي لزهرتنا 

"لوحة" موقعة بتاريخ 2011
"لوحة" 2016
"درة" لونها سماوي أشدها حرزا مرة على رأسي ومرة أعصر بها خصري ليخف  حزني .

زهرتنا كنت ألتقي بها في بيتها وفي بيتي، بين الدار البيضاء والرباط وعبر البريد الإلكتروني بين بروكسيل ومونتريال، نتقاسم السجال الأدبي الماكر وتقرأ لي بعض القطع السردية قبل النشر من رواية "الفردوس البعيد" وأقرأ لها قطعا من "نهاران" .
 
  زهرتنا أفلت وتركتنا، نقاسمها الشغب الجميل، ما معنى الوطن ؟

لطيفة حليم

 أستاذة جامعية وكاتبة حاصلة على شهادة الدكتوراه، تعيش ما بين كندا وبلدها المغرب، صدرت لها روايتان “دنياجات” عام 2007 عن منشورات زاوية الفن والثقافة، و“نهاران” عام  2012   عن دار فكر المغربية بالرباط . بالإضافة إلى نشرها العديد من المقالات والمواضيع في مطبوعات متعددة .

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved