يعرف أنها مولعة برؤية الصورة، لغرض التحليل . تبحث عن "عَبْلة" و "رِيتا" داخل القصيدة العربية . ترغب أن تحصل على الدهشة من خلال رؤية الفرسان و سماع تْبُوريدة تنظر إليه . تجد في قوله مصالحة - أن تظاهر الأمهات الأربع الإسرائيليات احتجاجاً على الحرب في جنوب لبنان خَنْطَقِيرا. تردد في همس بهي :
- إنها مبادرة طيبة وجريئة من قبل نساء من الطائفة اليهودية . خَنْطَقِيرا، مقدمة للتطبيع .
تمسح الغبار . يتناثر الغبار . تشاهد مع غبار اتْبُوريدة . فرسان سيدي"بوعبيد" الشركي، تَذرُوهم رياح عاتية . تهب غير عادية . آتية من فوق جبل القوقاز . تلمح ذا القرنين"كورش" الأخميني، حط بعد رحلة طويلة من أمريكا الشمالية عبر مضيق -برينغ . تسعفه إشراقة شمس دائمة الإشعاع، تشبه نيران . يردد الآية الكريمة -باسم الله الرحمن الرحيم .. حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا .
تمسح الغبار، وهي مشغولة بذي القرنين .لا تعرف أن ذا القرين، عرج على القرية الهندية هوشيلاجا . التي غير اسمها الغزاة وأصبحت تسمى مدينة ماري . وعدّلوا اسمها في ما بعد إلى مونتريال . وأنه في قديم الزمان اختفى ذو القرنين من شدة الإعصار ب مدينة هوشيلاجا وراء الأشجار . وذلك قبل وصوله إلى جبل القوقاز . يتعذر عليها فهم ذا القرنين. مشغولة بجبل القوقاز . كما أنها مشغولة بخروج جدتها "زهور" إلى حي -حَمْرِيٌة . دخلت إلى مجمع تجاري -لافاييت . قلبت تُبٌان بِكِيني .أعجبها الدانتيل .ارتعشت أصيبت بفزع جميل . قالت لها سيدة فرنسية وقد أدركت فزعها من خلال جحوظ مقلتيها- هذا التُبٌان الوردي بالدانتيل اللامع، يبعث شهوة الرجال . يجب أن تقتنيه دون تردد .
الليل يخفي ضوء الشمس . رجال حي -قاع وردة يجهلون كل شيء عن تُبٌان بِكِينِي، مثل جهلهم خروج نسائهم إلى سينما-أَبُولُو . الظلام يخفي التُبٌان في غسق الليل . ينزعه رجل بقوة . يغرس السَبَابة في خَرَمِ الدَانْتِيل، يظن أن السروال مَثْقُوب، يغني :
- سروالك مثقوب أللا، سروالك مثقوب .
سروال قَندريسه أصبح هاري بين يديه . ترتعش المرأة . تخاف أن يكشف بعلها الدانتيل ويطلقها بالثلاث، ليقينه أن لباس التُبٌان حرام . يغني رجل - سروالك مثقوب أللا، سروالك مثقوب . ياك ما دخلو حد أللا . تغني امرأة في صمت مخيف وكأنها الشيخة "رِيمِيتِي" :- قطع قطع... يتمزق الدانتيل . ترتعش .
"زهور" تعيد مشهد قُبلة . البطل "جلال" يقبل البطلة "رجاء" . وهو يغني لها -يا وردة الحب الصافي يسلم الفم اللي سقاك، يا هل ترى إيه انكتب . "زهور" تطلع جاراتها بدرب -قاع وردة على تفصيلة جديدة . فصلت تُبٌاناً سبق أن شاهدته في فيلم - الوردة البيضاء . حدث ذلك حين هربت رفقة الصبية "فاطم" من البيت . وعند منعطف الدرب أخفت تحت جِلْبابها الرمادي الفضفاض، رزمة لباس الحَمٌام مُطرزة بطرز الرباطي . وسَطْل من نحاس أصفر منقوش بنقش فاسي، وقد تشتت داخل السطل قطع الغَاسُول التي اختلطت بالمحكة والقَباقب من خشب الأرز . انطلقتا من درب -قاع وردة، في طريقهما إلى حَمٌام الزَيْتُونَة وعرجتا إلى حي -الروى مزين حتى إذا بلغتا سينما أَبُولُو . دخلتا السينما في عجلة واستحياء . الصبية "فاطم"، والشابة "زهور" يشاهدان فيلم -الوردة البيضاء . "فاطم" تكفكف الدمع مدراراً . لقطة سينمائية . مشهد معاملة زوج الأب القاسية للبطلة "رجاء"، شبيه بظلم زوج أبيها لها . شهقت شهقة قوية لفتت إليها "زهور" . رَبَتَتْ على كتفها . هدأ روعها واستولى عليها فارس أحلامها العسكري "محـمد" . شاب نحيل الجسم . طويل القامة . مصقول الهامة . يمشي بخطوات طويلة مسرعة . يرمقها بنظارته السوداء والشيطان بجانبه يحفزه على الزواج من صبية فتية نديّة . بدت حبتان من الرمان مكشوفتين . ترتبك تحمر وجنتاها وهي تلفته إلى وسط الغرفة، حيث اعتاد أن يستقبله والدها بإكبار وإجلال، وهو يلامس برفق وحنان نظارته السوداء، التي كان يضعها على عينيه لإصابته خلال الحرب العالمية الثانية أثناء عمله ضمن الجيش الفرنسي . يتألم والد "فاطم" لهذه الإصابة . يحمد الله على سلامة "محـمد" من القتل وينظر إليه بإعجاب كبير . يلمس الأوسمة الذهبية فوق كتفي بدلته العسكرية . ويبارك شجاعته وعنفوانه .
الصبية "فاطم" داخل قاعة السينما . بجوار الشابة "زهور" . يشاهدان قُبلة . ترتعش "زهور" . لم تكن على علم أن شيخ الأزهر المشرف على الرقابة، أدان مشهد قُبلة، الذي ظهر فيه "محـمد" عبد الوهاب، يمثل دور البطل "جلال" وهو يقبل البطلة "رجاء"، التي قدمت دورها الممثلة "سميرة " الخلوصي . على إثر مشاهدة "زهور" لهذا الفيلم . حكت لجاراتها عن الفيلم بتفصيل ودقة. أطلعتهم على تُبٌان اشترته مُزيناً بالدانتيل من كالوري" لافاييت" . "زهور" عزمت على تفصيل مثله بمهارة . استعانت بورق أزرق لقالب السكر صممت مثله، وفيما بعد فصلت من قماش الموسلين تُبٌان بِكِيني . رسمت وردة، خرمت وسطها وطرزت الخرم بالحرير . فأحدث إبداعها هذا، تَحْدِيثا في النوع والقماش والترقيم والتطريز، جعلها محط عناية وإعجاب من طرف سيدات درب -قاع وردة، وجميع أفراد العائلة، لِحُسْنِ مبادرتها في تغيير سروال فضفاض موسوم ب قَنْدريسه، إلى تُبٌان ضيق موسوم ب بِكِينِي، مما حفز جميع جاراتها وقريباتها إلى دفع عربون ورقة خضراء من عشرة ريال، لتهيئ تُبٌان بناتهن ليلة الدخلة . للا "زهور" تغني في صمت- يا وردة الحب، وتفكر أن تسمي حفيدتها "رجاء".عندما يعصف بذاكرتها هروبُ جدتها، تعرض على صديقتها "رغدة" قضية هروب النساء داخل المتن السردي . تمسح الغبار عن رواية - وداعا يا دمشق. تخبرها أنها تعاطفت مع البطلة "زين" وذلك من خلال قطعة سردية حفظتها- يجب أن انسل من السرير من دون أن يشعر بذلك . أن أرتدي ثيابي على عجل، أن أهرب من البيت قبل أن يستيقظ ويتبعني .
تمسح الغبار عن رواية - موسم الهجرة إلى الشمال. البطل لم يهرب، عاد إلى ترابه بعد غيبة طويلة . البطلة "زين" في رواية - وداعا يا دمشق . هربت لم تعد إلى ترابها بعد غيبة طويلة، طويلة. "زين"هربت من زقاق -الياسمين. كما هربت "زهور" من زقاق- قاع وردة .
أخت جدة جدة، جدة"زهور" بنت للا فضول، لم تهرب من غرناطة . أمسكت ب مخطوط - تهافت التهافت . متبجحة متغطرسة بمخطوط قريبها أبي" الوليد" . في غرفة صديقات أجمل العمر جلست أَرْبُعاء . أمامها صينية من النحاس الأصفر، وسطها كؤوس زجاج . تحرك كأسين بنقرات موسيقية تغني على شاكلة "زرياب" . تلتفت صديقاتها مندهشات إلى الكُؤوس الزجاجية المزوقة بألوان زاهية . تخبرهن أنها اشترتها من دكان صانع ماهر في صناعة كؤوس الزجاج اشتهر بغرناطة، وأن "زِرْياب" أول من غير في بيته كؤوس الفخار السميك إلى الزجاج الرقيق . تقرأ على صديقاتها صفحات من مخطوط - تهافت التهافت . تخبرهن عن السجال الذي دار بينها وبين أبي"الوليد"، حول أبي "حامد" في كتابه أن المرأة تشبه الكلب.. تبين لهن أن أبا "حامد"، لم يقصد إدانة المرأة . وإنما أراد نعتها بالصبر وحب الدلال . تخبرهن أن أبا "الوليد" استحسن قولها، لكنه أحجم عن نسخ نسخة جديدة، وخط على طرّة المخطوط - تهافت التهافت ملاحظاتها وأهداه لها . تعلن إحدى الصديقات أنها انتهت من نسخ المصحف بخط يدها وبرعت في تسفيره وزخرفة حروف مذهبة على وجه غلافه . بينما انبرت إحداهن إلى الحديث عن الشاعر "يحيى" الغزال، أنه لقب ب الغزال لجماله وظرفه وأناقته . وأخبرتهن عن رحلته في سفارة إلى بلد المجوس سنة 230 وهو في سن الخمسين وقد خط الشيب مفرق شعره وظل رغم كبر سنه وسيماً . مما جعل الكثير من النساء يعشقنه ومن بينهن ملكة "نود" . التي تعلق بها قال في إحدى قصائده :
إني تعلقت مجوسية تأبى لشمس الحسن أن تغربا
..يا نود يا ورد الشباب التي تطلع أزرارها كوكبا .
يتبع