بأنك استويتِ أعلى العرشْ
مليكةً يؤمُّها الحاشيةُ الكبارُ
والرعية ُالصغارْ
آلهةً يحيطُها الملائكُ الأبرارْ
وأنني سأمتطي جنونَ ثورٍ هائجٍ
وصهوةً من نارْ
بكرنفالٍ صاخبٍ عريضْ
وأنني ضحيةٌ مقطّعةْ
بين ذِئابٍ جائعةْ
وسْطَ سيوفٍ لامعة
بالأمسِ كنتِ كالشغافِ في الفؤادِ
كالسنى الطالعِ في الآفاقْ
فهل تنمّرتْ عيونُك الزرقُ
وكيف يقوى قلبيَ الطافحُ بالحنانِ
أن يغازلَ اللبوة والذئبةَ
فيكِ يا سيدة الشيطانْ
وكيف صار قلبُكِ الآسرُ كالصوانِ
يا مليكةَ الغدْرِ
كساؤكِ الرياءْ
ملمسُكِ الأفعى
بساطُكِ الشوكُ
ووخْزكِ السمومْ
ثمارُكِ الغسلينُ والزّقومْ
تضوعُ في طلعتِكِ الزُّفرةُ والوجومْ
**************
فلْتنزعي من جِلْدِك الحرباءِ طيلسانَ الغاب
ولْتُقلعي من فمكِ الأنيابْ
دعي حبيبَك الظامئ ينقضّ على تورّمِ الرضابْ
دعي أصابعي تجوبُ في سرائر الأنوثةِ العِجابْ
أتوه في بياضِك الندّيِّ كالسحابْ
فلا تفتتي إرادتي
لأننا- مذْ خلق اللهُ لنا نفوسَنا- ألبسني السماحَ والثوابْ
أطعمني المنَّ ، أذاقني الشهدَ
سقاني خمرةَ الأعنابْ
لكنه أطعمكِ العلقمَ والمرارْ
ألبس فيكِ الجمرَ والعقاب
**************
لأنّ منبتي العلىُ ...صلابتي "التوباد"
وصرحُنا من إرَمِ الأمجاد
ومنْ بني عذرةَ ظلَّ محتدي ... من منهل الأجداد
لأن عطرَنا الشميم
أيقظَ في قصائدي...
شقاوةَ النارِ وشهوة الترابْ
شراسةَ الأذى وصدمة السراب
أجهشتُ شِعْرا جانحا يطيرْ
وقُبلتي تهفو إليك نحلةً ترتشفُ الطيوب
لاسعةً حرّى كشمسٍ تلعنُ الغروب
*************
أتذكرين يا ساذجةَ الأمسِ
قوامَك النحيفْ
وزغبَك الضعيفْ
أنا الذي نزعتُ من جناحكِ المهيضْ
خوافيَ العصفورْ
أنا الذي زرعتُ في جناحكِ الغضِّ
قوادمَ النسورْ
مخالبَ الكاسرِ والطائرِ في العلياءْ
أنا الذي ملّكتكِ الصولةَ َفي الفضاءْ
أنا الذي صيّرتُكِ البراقَ يمخرُ السماءْ
**************
عودي إلى طباعك الأولى كما النمير
صديقة ًميسورةَ القياد
طيّعة ً ناعمةَ الملمسِ كالحرير
جذّي مخالبَ الوحوشِ الحمقِ
كوني ميسما يشعُّ بالرحيقَ والعبيرْ
وغيمةً تطهّرُ الأديمَ بالطَّهورِ
تنشرُ البهاءَ والرواءَ في مواسمِ الحنين
لكنّ فيك الصلَفَ المكينْ
ما زلتِ تنكرينْ !
بأنني رصّعتُ في ظلامكِ النجومَ والشهُبْ
زرعت في طريقك القاحلِ أحلى الورد والعشبْ
وكلما ارتميتُ ،مضْنىً، من غزارة ِالتعبْ
أو أمعنت عينايَ شيئا من محاسنِ الأدبْ
يلوحُ لي ضياكِ سلسلا من زائفِ الذهبْ
يكفي فمي لذاعةُ الحصرمِ إنْ لم أطُل العنبْ
لأنني في كومةِ الجمْرِ محالٌ أنْ أُغازل الرّمادْ
يا امرأةً في جيدِها الحبالُ..ياحمّالةَ الحطبْ
لأنكِ الجَمْرُ ...سليلةُ الحقْدِ
ربيبة ُالفتنةِ والأوارِ واللهبْ
في صدرِكِ النارُ تؤججُ السماءَ وابلاً من الحممْ
في قلبيَ الغارقِ بالركامِ وانتكاسةِ الألم
جواد كاظم غلوم/بغداد
jawadghalom@yahoo.com