حاملا صمتي.. جئت مقهى احتمالاتكم... أبحث في الزّوايا المنحنيةِ عن دخانٍ لنار قد تكون وقد لفظني ماضيَّ الذي جعلتموه يحتضر.. ورحتم لعفونةِ الألوان في تراكمات المرايا
يا لونَ صبرِ الرّوحِ يا فَجرًا تأخّر يا أيّها المَسكونُ بي وأنا المُخَدَّر وكأنَّنا نَغَمٌ تَراجَعَ عَن سُمُوِّ جُنونِهِ، وتَعَلَّقَ الوَتَرَ الذي أهداهُ رجفَتَهُ، فسافَرَ في مَراقي نَزفِهِ.
ما حاجَتي للحِكمةِ التي لا تُصغي لصَوتِ الجَمال... وتُزري بِهَمسِ النَّفسِ للنَّفسِ... ولا تحتَرِمُ خَيالِيَ المُنفَلِتَ مِن قُيودِ الآنِ والمكان؟
في الأرضِ مُتَّسَعٌ هنا.. لكِنَّ أخلاقَ الطّغاةِ تَضيق في الأرضِ مُتَّسَعٌ لنا.. لكنَّ مَن رَضِعَ الظّلامَ ببحرِ غُربَتِهِ غَريق لا سِرَّ يُعجِزُ رأيَنا..
هذا زمنُ الموتِ ولكن.. يَنسى الموتى لُذ بالموتِ الحقِّ صَديقي فعسى أن يَختارَك.. لُذ بالموتِ لتحيا! تحيا الحكمةُ.. تحيا..
مهلا! أبات عليّ أن أحكي لكلِّ الكونِ كيفَ يؤثِّرُ الصَّمتُ المرَصَّنُ للزّمانِ على تَضاريسِ اللُّغَة؟
لا بابَ للمَنفى سوى عَطَشي ... وهذا الملحُ أصغرُ من سُداي.. وبَحَثتُ عَن صَمتي، أجابَتني عُيونٌ صارَها بَحرٌ تَجَرَّدَ من عَناصِرِهِ لِتَختَلِطَ الجِهات.
تَتَثاقَلُ أنفاسُ الفجر المثنبَثِقَةِ مِن عَينِ الرَّقدَة تَتَلاقَحُ مِن صوتِ النَّجدَة تَتَعاقَبُ فينا صاخِبَةً... تَتَعابَثُ والموسِمُ شِدَّة .
في مَوسِمٍ ما عَلَّمَ الوَقتَ الرّجوعَ ليَحتَفي أعلَنتُ صمتي حارِسًا للصَّمتِ كي لا يَختَفي وَلَبِستُ قُبّعَةَ الرِّياحِ، وقلتُ لا بأسَ اعصِفي أنصَفتُكُم يا كُلَّ ألوانِ السُّدى، مَن مُنصِفي؟
لا اكتمالَ للبَدرِ في ليلِ المُرَوَّع والمغَرَّبِ عن أحاسيسِهِ؛ في مدائِنِ الرّملِ والسّراب.. وحيث تختَلِطُ الجهاتُ؛ فلا سِمتَ للرَّأسِ، كما لا مَوطِئَ للأقدام...